أقسام المدونة

الأحد، 21 أبريل 2013

د. علاء الاسوانى يكتب .. هل المصريون متدينون فعلاً؟!


على مدى سنوات، عملت طبيبا للأسنان في هيئة حكومية كبرى تضم آلاف العاملين. وفي اليوم الأول بينما كنت أعالج أحد المرضى، انفتح باب العيادة وظهر شخص، قدّم نفسه باسم الدكتور حسين الصيدلي، ثم دعاني لأداء صلاة الظهر جماعة، فاعتذرت حتى أنتهي من عملي ثم أؤدي الصلاة.. ودخلنا في مناقشة كادت تتحول إلى مشادة؛ لأنه أصر على أن أترك المريض لألحق بالصلاة، وأصررت على استئناف العمل.

اكتشفت بعد ذلك أن أفكار الدكتور حسين شائعة بين كل العاملين في الهيئة. كانت حالة التدين على أشدها بينهم. العاملات كلهن محجبات، وقبل أذان الظهر بنصف ساعة على الأقل ينقطع العاملون جميعا تماما عن العمل، ويشرعون في الوضوء وفرش الحصير في الطرقات، استعدادا لأداء صلاة الجماعة. بالإضافة طبعا إلى اشتراكهم في رحلات الحج والعمرة التي تنظمها الهيئة سنويا.

كل هذا لم أكن لأعترض عليه، فما أجمل أن يكون الإنسان متدينا، على أنني سرعان ما اكتشفت أن كثيرا من العاملين -بالرغم من التزامهم الصارم بأداء الفرائض- يرتكبون انحرافات جسيمة كثيرة بدءا من إساءة معاملة الناس والكذب والنفاق وظلم المرؤوسين وحتى الرشوة ونهب المال العام. بل إن الدكتور حسين الصيدلي الذي ألح في دعوتي للصلاة، تبين فيما بعد أنه يتلاعب في الفواتير ويبيع أدوية لحسابه..

إن ما حدث في تلك الهيئة يحدث الآن في مصر كلها.. مظاهر التدين تنتشر في كل مكان، لدرجة جعلت معهد جالوب الأمريكي، في دراسة حديثة له، يعتبر المصريين أكثر الشعوب تدينا على وجه الأرض.. وفي نفس الوقت، فإن مصر تحتل مركزا متقدما في الفساد والرشوة والتحرش الجنسي والغش والنصب والتزوير..

لابد هنا أن نسأل: كيف يمكن أن نكون الأكثر تدينا والأكثر انحرافا في نفس الوقت.. في عام 1664 كتب الكاتب الفرنسي الكبير موليير مسرحية اسمها تارتوف، رسم فيها شخصية رجل دين فاسد يسمى تارتوف، يسعى إلى إشباع شهواته الخسيسة وهو يتظاهر بالتقوى.. وقد ثارت الكنيسة الكاثوليكية آنذاك بشدة ضد موليير ومنعت المسرحية من العرض خمسة أعوام كاملة.. وبرغم المنع، فقد تحولت تارتوف إلى واحدة من كلاسيكيات المسرح، حتى صارت كلمة تارتوف في اللغتين الإنجليزية والفرنسية، تستعمل للإشارة إلى رجل الدين المنافق. والسؤال هنا: هل تحول ملايين المصريين إلى نماذج من تارتوف؟

أعتقد أن المشكلة في مصر أعمق من ذلك.. فالمصريون متدينون فعلا عن إيمان صادق.. لكن كثيرا منهم يمارسون انحرافات بغير أن يؤلمهم ضميرهم الديني. لا يجب التعميم بالطبع، ففي مصر متدينون كثيرون يراقبون ضمائرهم في كل ما يفعلونه: القضاة العظام الذين يخوضون معركة استقلال القضاء دفاعا عن كرامة المصريين وحريتهم، والمستشارة نهى الزيني التي فضحت تزوير الحكومة للانتخابات، والمهندس يحيى حسين الذي خاض معركة ضارية ليحمي المال العام من النهب في صفقة عمر أفندي. وغيرهم كثيرون. كل هؤلاء متدينون بالمعنى الصحيح..

ولكن بالمقابل، فإن مئات الشبان الذين يتحرشون بالسيدات في الشوارع صباح يوم العيد، قد صاموا وصلوا في رمضان.. ضباط الشرطة الذين يعذبون الأبرياء.. الأطباء والممرضات الذين يسيئون معاملة المرضى الفقراء في المستشفيات العامة.. والموظفون الذين يزوّرون بأيديهم نتائج الانتخابات لصالح الحكومة.. والطلبة الذين يمارسون الغش الجماعي.. معظم هؤلاء متدينون وحريصون على أداء الفرائض.. إن المجتمعات تمرض كما يمرض الإنسان.

ومجتمعنا يعاني الآن من انفصال العقيدة عن السلوك.. انفصال التدين عن الأخلاق.. وهذا المرض له أسباب متعددة: أولها النظام الاستبدادي الذي يؤدي بالضرورة إلى شيوع الكذب والغش والنفاق، وثانيا إن قراءة الدين المنتشرة الآن في مصر إجرائية أكثر منها سلوكية. بمعنى أنها لا تقدم الدين باعتباره مرادفا للأخلاق وإنما تختصره في مجموعة إجراءات إذا ما أتمها الإنسان صار متدينا. سيقول البعض إن الشكل والعبادات أركان مهمة في الدين تماما مثل الأخلاق.. الحق أن الأديان جميعا قد وُجِدت أساسا للدفاع عن القيم الإنسانية: الحق والعدل والحرية.. وكل ما عدا ذلك أقل أهمية.. المحزن أن التراث الإسلامي حافل بما يؤكد أن الأخلاق أهم عناصر الدين. لكننا لا نفهم ذلك أو لا نريد أن نفهمه.

هناك قصة شهيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قابل رجلا ناسكا منقطعا للعبادة ليل نهار.. فسأله:

- من ينفق عليك؟
قال الرجل:
- أخي يعمل وينفق علىّ..
عندئذ قال صلى الله عليه وسلم:
- أخوك أعبد منك..

والمعنى هنا قاطع وعظيم.. فالذي يعمل وينفق على أهله أفضل عند الله من الناسك المنقطع للعبادة لكنه لا يعمل. إن الفهم القاصر للدين سبب رئيسي في تردى الأوضاع في مصر. على مدى عشرين عاما امتلأت شوارع مصر ومساجدها بملايين الملصقات تدعو المسلمات إلى الحجاب.. لو أننا تخيلنا أن هذه الملصقات كانت تدعو -بالإضافة للحجاب- إلى رفض الظلم الواقع على المصريين من الحاكم أو الدفاع عن حقوق المعتقلين أو منع تزوير الانتخابات.. لو حدث ذلك لكانت الديمقراطية تحققت في مصر ولانتزع المصريون حقوقهم من الاستبداد..

إن الفضيلة تتحقق بطريقين لا ثالث لهما: إما تدين حقيقي مرادف تماما للأخلاق. وإما عن طريق الأخلاق وحدها حتى ولو لم تستند إلى الدين.. منذ أعوام مرضت والدتي رحمها الله بالسرطان.. فاستدعينا لعلاجها واحدا من أهم أطباء الأورام في العالم، الدكتور جارسيا جيرالت من معهد كوري في باريس.. جاء هذا العالم الكبير إلى مصر عدة مرات لعلاج والدتي ثم رفض بشدة أن يتقاضى أي أتعاب، ولما ألححت عليه قال:

ـ إن ضميري المهني لا يسمح بأن أتقاضى أتعابا مقابل علاج والدة طبيب زميلي.

هذا الرجل لم يكن يعتقد كثيرا في الأديان، لكن تصرفه النبيل الشريف يضعه في أعلى درجة من التدين الحقيقي.. وأتساءل: كم واحدا من كبار أطبائنا المتدينين اليوم سيرد على ذهنه أصلا أن يمتنع عن تقاضي أجره من زميل له؟

مثال آخر، في عام 2007.. بغرض تجميل وجه النظام الليبي أمام العالم.. تم تنظيم جائزة أدبية عالمية سنوية، بقيمة حوالي مليون جنيه مصري، باسم جائزة القذافي لحقوق الإنسان.. وتم تشكيل لجنة من مثقفين عرب كبار لاختيار كاتب عالمي كل عام لمنحه الجائزة.. هذا العام قررت اللجنة منح الجائزة للكاتب الإسباني الكبير خوان جويتيسولو البالغ من العمر 78 عاما..

ثم كانت المفاجأة: فقد أرسل جويتيسولو خطابا إلى أعضاء اللجنة يشكرهم فيه على اختياره للفوز بالجائزة، لكنه أكد في نفس الوقت أنه لا يستطيع -أخلاقيا- أن يتسلم جائزة لحقوق الإنسان من نظام القذافي الذي استولى على الحكم في بلاده بانقلاب عسكري ونكّل -اعتقالا وتعذيبا- بالآلاف من معارضيه.. رفض الكاتب جويتيسولو جائزة بحوالي مليون جنيه مصري؛ لأنها لا تتفق مع ضميره الأخلاقي.. هل نسأل هنا: كم مثقفا أو حتى عالم دين في مصر كان سيرفض الجائزة؟ ومن هو الأقرب إلى ربنا سبحانه وتعالى؟! هذا الكاتب الشريف الذي أثق في أن الدين لم يخطر على باله وهو يتخذ موقفه الشجاع النبيل، أم عشرات المتدينين المصريين، مسلمين ومسيحيين، الذين يتعاملون مع الأنظمة الاستبدادية ويضعون أنفسهم في خدمتها متجاهلين تماما الجرائم التي ترتكبها تلك الأنظمة في حق شعوبها. إن التدين الحقيقي يجب أن يتطابق مع الأخلاق.. وإلا.. فإن الأخلاق بلا تدين أفضل بكثير من التدين بلا أخلاق..... الديمقراطية هي الحل..

من فضلك التدخين ممنوع


من منا لا يدرى ان التدخين ضار بالصحة فانا لم أجد ما يدفعني للكتابة في هذا الموضوع حتى فترة قريبة؛ لعلمي أنه رغم الضجة الكبيرة التي أثارها الإعلام حوله بداية بتقرير مصور أذاعته محطة تليفزيون CNN عن عملية ختان تُجرى لطفلة صغيرة في مصر، وانتهاءً بفرض قوانين عَجِلة ضد مرتكبي (جريمة) التختين من الأطباء والأهالي، وظهور جبهتين كل منها على طرف النقيض من الأخرى؛ كنت أتصور أنه رغم كل ذلك ستنتهي القضية بأنه لا يصح إلا الصحيح، وأن تقدير الناس وأعرافهم واقتناعهم أقوى من كل قانون ودستور.

لكني وجدت أن الأمر -وإن انتهى على المستوى الرسمي- يزداد كل يوم بين أنصار ورافضي الختان، والعجيب أن كلا منهما لا يستند لفهم واضح أو تصور منطقي لما يدافع عنه؛ فالرافضون للختان لا يعرفون من رفضه إلا أنه تحرير للمرأة من أي قيد حتى وإن كان من أنوثتها نفسها، وأنه مناداة ديمقراطية مستعارة من الغرب.

والمؤيدون يلهبون حناجرهم بأن هذا حرام لأن هذا هو ديننا وهذه عقيدتنا وتلك سنتنا، والعجيب أن الكثير من هؤلاء لا يعرف إلى أي نص يستند؛ فمادام آباؤنا قد فعلوه فلا شك أنه دين. أنا بالطبع لا أخوض نقاشا مع القلة الذين لديهم مرجعياتهم؛ حتى وإن كانوا مخالفين لآراء أخرى، لكني أتكلم عن أولئك التُبَّع الذين لم يقرءوا ولم يبحثوا ولم يفهموا.

نريد أن نمسك بأول الخيط: وهو أن نخرج المسألة من نطاق الحرج الديني لأنها كذلك، ثم نضعها في نصابها الصحيح حتى نستطيع أن نتعامل معها.

ليس كل ما نادى به الغرب صحيحا ولا كله غثاً تافها حقيراً يدعو إلى الحرام. وجاء في الحديث: "الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها" بمعنى أنني أبحث عن حكمتي، وحيث أجدها آخذها بعد التثبت منها دون حرج في ذلك.

والنصوص الواردة في الختان كلها من الأحاديث الشريفة وأشهرها:

- "خمس من الفطرة: الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب"...

- "إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي ؛ فإنه أسرى للوجه ، وأحظى للزوج"...

- "الختان سنة للرجال، مكرُمة للنساء"...

- "إذا التقى الختانان وجب الغسل"...

والرأي في هذه القضية وأمام هذه الأدلة أن نفهمها جميعا ثم نضعها في موازينها؛ لتكون النتيجة أن لا تعارض بين مؤيد ومعارض إذا فهمنا الأمر كما ينبغي.

فرأي المعارضين للختان:

أن الناظر في المعجم العربي يتبين أن الدلالة المعجمية تختلف بالنسبة للختان والخفاض؛ فالأولى خاصة بالرجال والثانية بالنساء؛ وعليه لا ينطبق على المرأة لفظاً إلا حديث واحد وهو "إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي؛ فإنه أسرى للوجه، وأحظى للزوج"... وهو يتكلم عن الكيفية الصحيحة لعملية الخفاض، وأنها يجب أن تكون بإزالة جزء بسيط من العضو (البظر) بما فيه معنى الإشمام دون إنهاك أي الإتيان عليه من قاعدته وجذره.

أما حديث "إذا التقى الختانان وجب الغسل" فهو على التغليب في الألفاظ كقولنا (القمران: ونعني بهما الشمس والقمر، والعمران: ونعني بهما أبا بكر وعمر) ومثله الختانان أي مكانا التختين فاخُتصر لفظا (الختان والخفاض) بالتثنية (الختانان).

ويبقى الحديث الأخير الذي هو "خمس من الفطرة الختان والاستحداد ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب".

وعند القياس في هذا الحديث على الأفعال الخمس التي هي من الفطرة نجد أنه لا يمكن القول بحال من الأحوال: إن الذي لا يقلم أظافره أو يحلق شاربه -وإن كان من السوء بمكان- آثم؛ لكن هو من مكروهات الفطرة التي تأباها النفس القويمة؛ فضلا عن أن لفظ الحديث لا يحمل أيا من ألفاظ الوجوب أو الندب؛ لكن يمكن القول أنه من الإرشاديات النبوية.

وكما يقول الدكتور محمد سليم العوا: "والحق أنه ليس في هذه المرويات دليل واحد صحيح السند يجوز أن يستفاد منه حكم شرعي في مسألة بالغة الخطورة على الحياة الإنسانية كهذه المسألة".

أما رأي الداعين إلى الختان:

فهو: مع أن أغلب الأحاديث الواردة في هذا الشأن لم تحظ بدرجة عالية من الصحة عند علماء الحديث عدا حديث أو اثنين؛ إلا أن جهل البعض بمكانة الحديث الضعيف جعلهم يتعاملون معه على أنه من الأحاديث الموضوعة أو الأقوال المكذوبة عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم التي لا يمكن الاستئناس أو الاستناد إليها في أي حال من الأحوال؛ في الوقت الذي أوضح فيه الأئمة الكرام وعلى رأسهم الحافظ ابن حجر العسقلاني أن الحديث الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال لا في الحدود والنكاح. بالإضافة إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة.

وعليه فإن أحاديث الختان لها مكانها من السنة النبوية دون إلزام ديني يجعل تاركها في حرج ديني.

وفصل الخطاب:

إن التشريع السماوي هو تشريع شامل لكل الأزمان والحالات على اختلافها إلا ما يحدده تعالى من مكان وزمان. والتشريع الإسلامي هو تشريع ختامي؛ ولذا فهو شامل كامل من ناحيتي الزمان والمكان وإلا لما كان جديرا بأن يكون سماوياً؛ وبرغم ذلك فإن بعض هذا التشريع لا يكون مطلقا بالنسبة لكل فرد؛ بل هو شامل، فيه حل ومنهج لكل ما يطرأ أو يشذ عن القواعد الكلية.

ونضرب مثالا بسيطاً بحديث: "إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه، فإن في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء"، وهذا حديث صحيح دون جدال؛ لكن هل تستطيع أنت إن وقعت في كوبك الذي تحتسيه ذبابة أن تغمسها ثم تخرجها لتعاود الشرب دون أن تعاف أو تخرج ما في بطنك؟؟ أنا عن نفسي لا أستطيع، وقد لا يستطيع الكثير ذلك؛ لكن المشرع العليّ يعلم أن هناك من لا يجدون غير كوب الماء طوال يومهم أو شهرهم، ومنهم من تتقبل نفسه ذلك؛ ولذا فالتشريع ينزل بالقاعدة العامة للمجتمع دون إلزام، ثم نحدد نحن ما يناسبنا منها حسب الشخص والطبيعة والبيئة والمكان.

وكما يقول الدكتور العوا: "التوجيه الوارد في حديث أم عطية "إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي؛ فإنه أسرى للوجه، وأحظى للزوج" لا يتضمن أمرا بختان البنات؛ وإنما يتضمن تحديد كيفية هذا الختان إن وقع".

وعليه فالخفاض وارد أن تحتاجه بعض النساء في بعض الأماكن من العالم دون أخرى، أو في المجتمع الواحد من تحتاجه ومنهم من لا تحتاجه؛ بدرجات متفاوتة يحددها فقط أهل العلم والتخصص وهو طبيب أو طبيبة النساء الذي درس ذلك وتعلّم إن كان ذلك صحيا في حالتها أم غير ذلك، وإن كانت تحتاجه من الناحية الجمالية أو الوظيفية أم لا.

أما الختان للرجال فقد اتُفق على ضرورته من أهل التخصص فأصبح كذلك من جانب التطبيق، وهو ما أوضحه النبي الكريم بجعله أعلى رتبة من الخفاض في حديثه "الختان سنة للرجال، مكرُمة للنساء".

وأخيراً فلا تعارض بين المعارضين والمؤيدين في ضوء فهم واضح نقي موزون، بعد أن نضع الأمور في موازينها ونعطي كل ذي حق حقه؛ فلا نهاجم الختان لأجل أن الهجوم سنة المثقفين أو المتثاقفين من المتمسحين بالغرب وغيرهم، ولا أن نؤيد لنثأر بذلك لأجدادنا دون وعي بحقوق وواجبات ديننا وأنفسنا وذوينا.

القاديانية . عندما هرب المسيح الى الهند


الهند.. سنة 1857م..

سلطات الاحتلال البريطاني تتمادى في انتزاع آخر مظهر لاستقلال الهند بإعلانهم للسلطان بهادور شاه الثاني أنه آخر سلطان يسكن "القلعة الحمراء" -مقر الأسرة المالكة المغولية في الهند- وأنها ستتحول بعد موته إلى ثكنة عسكرية بريطانية.. فيثور مسلمو الهند ويلتفون حول سلطانهم -الرمز الأخير للمملكة العتيدة التي أقامها المغول المسلمون في بلاد الهند- ويصطدمون بقوات الاحتلال التي تتصدى للثورة بعنف ووحشية وتنفي الملك وأسرته وتعلن الهند مستعمرة بريطانية تابعة للتاج الفيكتوري! فتبدأ الحركة الوطنية الهندية في التكوّن والتشكّل.. ويبدأ عهد طويل من الصراع لأجل الاستقلال ويقترب القرن التاسع عشر من نهايته مع آمال بقرن أفضل.. ووسط تلك المرحلة الحرجة.. يظهر مفسد جديد في الأرض.. يشعل فتنة تهدد وحدة الصف المسلم في الهند؛ بل ووحدة الهنود جميعًا! تحت اسم دعوة لدين جديد اسمه "القاديانية"..

ميرزا غُلام أحمد.. مؤسس القاديانية

وُلد سنة 1839م في قرية قاديان بولاية البنجاب الهندية -ومن هنا نال لقبه "القادياني" الذي صار اسماً لعقيدته- لأب طبيب بارع تعلّم منه الطب, ثم تعلّم اللغة العربية والقرآن والعلوم الدينية. وكان "ميرزا" غلامًا مولعًا بالقراءة في الفلسفة والديانات والعقائد والمنطق والأدب, وخاض منذ شبابه العديد من المجادلات والمناقشات الفكرية الكلامية العميقة.

عاش حياته في فقر وتقشّف.. ثم تبدّل حاله بعد أن بدأ في نشر دعوته؛ وذلك لأن الأموال انهالت عليه ممن آمن به, وكذلك حظي بدعم السلطات البريطانية المحتلة لبلاده.

ولأن الهند آنذاك كانت تُعاني من انتشار الجهل والفقر والمرض، ولأنها كذلك كانت موطن عشرات العقائد والأديان, ولأن أغلب تلك الأديان والعقائد كانت تقوم على فكرة تناسخ الأرواح وحلول الآلهة بالبشر والحيوان؛ فقد كان من الطبيعي أن تجد الديانة الجديدة أرضًا خصبة لدى الكثير من الهنود؛ خاصة وقد دعمت سلطة الاحتلال البريطاني الدعوة القاديانية لأسباب نذكرها لاحقًا.

بدأ الأمر بأن اكتشف ميرزا غلام قبرًا لولي اسمه "يوسف أساف" فادّعى أنه قبر المسيح -عليه الصلاة والسلام- وقال: إن المسيح لم يُصلب كما قال المسيحيون ولا رُفِعَ كما قال المسلمون؛ بل هرب إلى الهند، وعاش بها حتى مات في سنة المائة وعشرين.

كما ادّعى ميرزا غلام أن روح المسيح قد حلّت به؛ بل وروح الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وأنه قد تلقّى رسالات ربه وبُعث نبيًا!
استشهد ميرزا غلام بالحديث الشريف القائل بأن أمة الإسلام يُرسل لها الله كل مائة عام مَن يرفع شأنها, وقال: إنه هو رجل المائة عام الأخيرة, وأن على مَن يُؤمن بالله وكتبه ورسله أن يُؤمن به؛ وإلا أصبح مكذبًا بآيات الله "عز وجل", ومخالفًا للأمر الإلهي للمؤمنين بأن لا يُفرّقوا بين أحد مِن رسل الله، كما أعلن استنكاره لقول الناس بأن رسالة الله لخلقه يمكن لها أن تنتهي.

الرجل كان خبيثًا داهية؛ فلم يعلن مسألة "النبوة والرسالة" دفعة واحدة؛ بل بدأ الأمر بادّعائه أنه يتلقى "إلهامًا إلهيًا" شأن الأولياء, ثم واحدة بواحدة بدأ يُمهّد لدعوته، ثم استغل علمه المُسبق -من خلال درايته بعلم الفلك- بوقوع خسوف للقمر وكسوف للشمس في شهر رمضان 1312هـ - 1894م, وقال: إنهما سيقعان بمثابة معجزتين لنبوته, وأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- إذا كان القمر قد خُسف لأجل رسالته (يعني معجزة انشقاق القمر)؛ فإنه قد خُسف لأجله جرمان سماويان: الشمس والقمر!

تلاعب بالقرآن والسُنة

تضمّنت عقيدة ميرزا غلام كمية ضخمة من التلاعبات بالقرآن والسُنة.. فالرجل لم يعترف أنه قد جاء بدين جديد خارج عن ملة المسلمين كما فعل الدروز والبهائيون؛ بل اعتبر أن دينه مكمّل للإسلام, وأخذ يتلاعب بمكوّنات الدين الإسلامي؛ ليقنع الناس بصدق دعوته، وليدعم موقفه أمامهم؛ فأولاً قام بتأويل وصف الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- بأنه "خاتم الأنبياء" بأن هذا لا يعني أن محمدًا آخر الأنبياء؛ بل يعني أنه "خاتمهم" أي "خِتمَهُم وعلامتهم".

وقال ميرزا إن هذا يعني أن ثمة أنبياء بعد محمد؛ ولكن لتتحقق نبوتهم فعليهم أن يحملوا فيهم "ختمه".

كما أنكر أن يكون الحرم الثالث في مدينة القدس، وقال: إن الحرم الثالث هو قريته "قاديان"، وأنها المعنية بـ"المسجد الأقصى"، وأن المسيح -عليه الصلاة والسلام- ينزل فيها في آخر الزمان.

كما أنكر رفع المسيح، وأنكر ميلاده من السيدة مريم العذراء -عليها السلام- بغير أب، وقال: إن يوسف النجار (هو رجل صالح كان خطيب العذراء قبل أن تتلقى الوحي بحملها بالمسيح، وهو الرجل الذي اتهمها اليهود بالزنا معه حين أتتهم بالمسيح طفلاً في مهده) هو أبو المسيح.

ثم بلغت جرأته أن بدأ في القول في ذات الله تعالى؛ فقال إنه -عز وجل- ينام ويصحو ويُخطئ ويُصيب ويُصلي ويصوم!

هذا فضلاً عن عشرات الافتراءات على الله وعلى دينه وقرآنه؛ تضمنتها خطبه وكتاباته مثل "براهين أحمدية" وهو كتابه الأشهر والأهم و"إعجاز أحمدي" -الذي مدح فيه نفسه وادعى أنه إمام آخر الزمان الذي يملأ الأرض عدلاً، وفضّل نفسه فيه على الحسن والحسين ابني علي رضي الله عنهم، و"الاستفتاء" الذي تحدّث فيه عن كلامه مع الله، و"حجة الله" الذي أعلن فيه إسقاط فريضة الجهاد وتحريمها, ودعا للولاء للإنجليز, وهي الدعوة التي دعمه الاحتلال البريطاني بسببها.

دعم سلطات الاحتلال للدعوة

حظي ميرزا غلام بما يمكننا اعتباره "تدليلاً" من سلطات الاحتلال؛ فقد أضفَت عليه السلطات حمايتها من الثائرين ضد دعوته, وبرأته المحكمة أكثر من مرة من الدعاوى المقامة ضده من خصومه, رغم توافر أدلة إدانته, وسمحت له السلطات بمزايا مفرّط فيها لتسهيل قيامه بمهمته؛ بل سعت لاستصدار قانون صارم يسمح لكل من له عقيدة بنشرها والتبشير بها كما يشاء, ومنعت أي تعرض له. وهو في المقابل رد "الجميل" بأن انحاز للحكومة البريطانية ضد الحركات الوطنية الهندية الناشئة.

ثمة أسباب عدة لدعم البريطانيين للدعوة القاديانية؛ لعل أهمها أن تلك العقيدة تضمّنت تثبيطًا للهمم عن مقاومة الاحتلال بما أعلنه من سقوط فريضة الجهاد بل وتحريمها, وتمادى فقال: إن من يرفعون السيف بدعوى الجهاد غير مؤمنين, وقال بالعبارة الصريحة: "لقد ظللت منذ حداثة سني -وقد ناهزت الستين الآن- أجاهد بلساني وقلمي لأرق قلوب المسلمين إلى الإخلاص للحكومة الإنجليزية والنصح لها, والعطف عليها, وأنفي فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهال المسلمين، والتي تمنعهم من الإخلاص للإنجليز, وأنا مؤمن أنه كلما كثر عدد أتباعي قلّ شأن الجهاد. ويلزم من الإيمان بي وبأني المسيح والمهدي إنكار الجهاد. وقد ألفتُ كثيرًا في تحريم الجهاد ضد الإنجليز الذين أحسنوا إلينا والذين تجب علينا طاعتهم بكل إخلاص".

هكذا بكل تبجح قالها ميرزا غلام أحمد؛ فكسب دعم وتعاون سلطات الاحتلال التي أتتها القاديانية فرصة على طبق من ذهب لتدجين مسلمي الهند الذين كانوا يشكلون قوة ضاربة يُخشَى انفجار ثورتها في أي وقت.. فكانت دعوة ميرزا غلام بمثابة تفتيت لعنصر هام من القوة الوطنية.

السبب الثاني للدعم البريطاني للدعوة الجديدة هو أنهم رأوا فيها حليفًا قويًا مع البعثات التنصيرية البريطانية في الهند, تلك البعثات التي لم يكن هدفها الحقيقي "هداية الهنود الوثنيين لعبادة الله"؛ بل كان "أنجلزة" المواطن الهندي -لو صَح هذا التعبير- وإخراج الهند من دائرة "الدول الإسلامية"؛ مما كان يعني إفقاد أية حركات وطنية مسلمة دعم الدول الإسلامية.. بتحويل مسلميه إلى المسيحية البروتستانتية أو إلى القاديانية, وكانت تلك مهمة عسيرة على البعثات التبشيرية وحدها لكثرة مسلمي الهند؛ خاصة أنها وباكستان لم تكونا قد انفصلتا بعد.

أما السبب الآخر -وليس الأخير- لذلك الدعم القوي؛ فكان إشغال الهنود -بالذات المسلمون- بنزاع داخلي يستنزف طاقاتهم؛ خاصة مع علم دهاة رجال الاحتلال بأن عاطفة الدين هي الأقوى لدى المسلم، وأنه كثيرًا ما قد يبديها على عاطفته الوطنية؛ فكان من شأن ذلك ضمان تحييد المسلمين الهنود خارج الحركة الوطنية لفترة كافية لإحكام الاحتلال سطوته في البلاد؛ وذلك السبب هو الأهم؛ فالبريطانيون كانوا يدركون -بالتأكيد- أن القوى الإسلامية كفيلة بدحر ميرزا غلام وأتباعه؛ ولكنهم –أي رجال الاحتلال- لم يكونوا يرغبون سوى في "فترة تحييد مؤقتة" للحركة الوطنية المسلمة لحين توطيد بريطانيا أقدامها في الهند.

واجه ميرزا غلام مقاومة شرسة من كبار رجال الدين والمفكرين المسلمين مثل "محمد علي الونكيري" -مؤسس بذرة العلماء المسلمين بالهند- والشاعر محمد إقبال الذي وصف القاديانية بأنها "ثورة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ومؤامرة على الإسلام والمسلمين"، ووجه رسالة لصحيفة Statesman يفضح فيها القاديانية، ويحذر المسلمين منها, وانطلقت أقلام وألسنة كبار رجال الدين للتصدي لميرزا غلام وبدعته وتحذير الهنود منه.

ميرزا لم يستطِع أن يقف في وجه ذلك السيل المنهال نحوه من الغيورين على دينهم ووطنهم؛ فسارع بنشر رسالة بعنوان "الصلح خير" دعا فيها خصومه لعقد هدنة معه مدتها عشر سنوات ينتظرون جميعًا فيها "عدالة السماء" التي تحكم من المخطئ ومن المصيب.. ولكن طلبه وُوجه بالرفض, وسرعان ما وجد نفسه يترنح تحت ضربات المنطق السليم والعقل المنظم؛ فانغمس في حياة الترف والرخاء التي وفرتها له الأموال المتدفقة عليه من المؤمنين به وبعقيدته, وبالغ في ذلك حتى اكتسب حنق بعض أتباعه, ثم مات سنة 1908 إثر إسهال مزمن شديد؛ ليتولى أتباعه بعده انتخاب خليفة له, ومازال القاديانيون حتى الآن يتخذون لهم خليفة تلو الآخر.. في انتظار آخر الزمان!
ختام

الفساد في الأرض لا ينتهي.. ما دامت الأرض ومادام الفساد ومادام بين هذا وذاك إنسان يسعى.. هي سُنة الحياة, ولولا وجود الفساد ما قدّرنا قيمة الصلاح.. وما سعينا في الأرض للإصلاح.. فهو بمثابة الشر الذي لا بد منه..
شَر لا ينتهي.. ولن ينتهي.. ولكن مادام أن هناك من يَبني باليمين ما يهدمه هؤلاء باليسار؛ فسيبقى دائمًا المفسدون في الأرض هم الخاسرون..

                                                                           (تمت)


مصادر المعلومات
1- الحركات الهدامة: مسعود كريم / خليل إبراهيم حسونة.
2- تاريخ المذاهب الإسلامية: الإمام محمد أبو زهرة.
3- الفرق والجماعات الدينية في الوطن العربي قديمًا وحديثًا: د.سعيد مراد.
4- المدخل في تاريخ الأديان: د.سعيد مراد.
5- تاريخ مغول القبيلة الذهبية والهند: د.محمد سهيل طقّوش.

قاسم امين . ماذا كان يريد

الاصل ان المرأة حرة . هكذا تعلمنا فى الاسلام و تربينا في عصر يصرخ كل متحدثوه بحرية المرأة، وينادون بها وكأنها الحل السحري الذي سيخرجنا من كل مشكلاتنا؛ السياسة تستضيف المرأة وتدخلها مجلس الشعب، ووزارة الثقافة تعيد طباعة أعمال محمد عبده وقاسم أمين وغيرهم ممن كان لهم باع في هذا الأمر، وإن كنت أتمنى أن يقرأ الناس أو السيدات تلك الأعمال ليعرفوا الحرية الحقة التي نادى بها هؤلاء، وشُوّهت عبر السنوات لتصل لنا بهذا الشكل..

أما الإعلام فهو يقدم وباستمرار وتكثيف، فكرة المرأة العاملة والمستقلة، أو التي تحارب من أجل نيل الاثنين، وهو هدف شكله نبيل؛ لكن تفاصيله تحتمل معان أخرى..

وما يدعو للتناقض هاهنا هو القائمون على الإعلام، الفئة المثقفة المقتنعة بجدوى وضرورة وجود المرأة، ككائن حي وفعال في مجتمع يريد التقدم، يريد أن يعمل كافة أفراده لا بعضهم فقط، دون النظر للبعض الآخر، لأسباب تبدو غريبة وغير منطقية؛ ولكن تم توارثها باستمرار عبر الأجيال جعلها بحكم العادة أقرب إلى الحقيقة..

تلك الفئة تقدم المرأة العاملة بشكل سيء، بداية من السينما، والمسلسلات حتى مسلسلات السيت كوم، تقدمها متحررة بشكل لا يمت للأخلاق بصلة، تقع في الخطأ بكل سهولة بدعوى الوحدة وعدم تفهم من حولها لها، تبرر تلك الأخطاء الإنسانية بشكل مؤثر لتتعاطف معها ولا تدينها. أو تقدمها فتاة تافهة لا تفكر سوى في أن ترتبط بشاب -الارتباط حسب التعريف العلمي الحديث لم يذكر أيا من الخطوبة أو الزواج. لمَ إذن يريد من يشاهد أن يجعل نفسه مدافعا عنها؟؟

ولمَ لا يصدق الناس الدعاوى التي تحاوطهم من كل جانب، بأن تلك المرأة هي شر الله على أرضه وفتنته، التي لن يقوى عليها بنو آدم، وسيجرهم في طريق الرذيلة؟؟ فيجب إخفاؤها داخل البيوت ووراء الجدران..
كيف يجتمع هذا التناقض الرهيب في الداعين لرفع مكانة المرأة، ليجعلوها تظهر بمظهر المنحل الذي أعطي الحرية فأساء استخدامها، ليترسب لديك داخليا، صورة الحرية للمرأة المساوية للانحلال الأخلاقي..

لم أر حتى الآن نموذج امرأة أو فتاة يقدمونها، تعرف معنى الحرية المسئولة الصحيحة، تريد أن تدرس وتعمل وتتزوج بشكل طبيعي، لا ترتدي ما خف وشف، وتصادق الرجال وترافقهم، بدعوى الحرية، لم أر أيا منهم متوسطة الميول؛ فلا هي منحلة ولا هي متدينة متزمة، كل ما تراه حراما؛ ألهذا الحد فقدنا الوسطية وصارت نماذجنا كلها بهذا الشطط...

أين فتياتنا الجامعيات الأوائل في كل عام، والمدرسات الأفاضل، والموظفات المتفانيات، والسيدات البسيطات بأعمالهن الصغيرة، وأمهاتنا اللائي قدمن مثالا في الالتزام والمسؤولية؟

أين هؤلاء النماذج الإعلامية الشهيرة للنساء، اللائي يتحدثن من منطلق أنهن رمز النجاح والطموح؟ لماذا لا نرحب إلا بنموذج مثل إيناس الدغيدي، والتي مازالت تصر -وبشكل سافر- أنها حرة فيما تفعل؟ أينعم إنتي حرة؛ لكن الإعلام الذي يصل لكل بيت يستحق أن يقدم من يستحقون..

ولماذا قد ترى أي فتاة في بعض الداعيات الإسلاميات -المثيرات للسخرية أحياناً- رمزاً قد تقتدي به، أين الأمثلة التي نستطيع أن نحاكيها ويعج بها المجتمع؛ ولكن لا نرى على شاشة التلفزيون سوى الأمثلة الغريبة!!!

كيف أدعو لحرية المرأة كداع وواجب لاكتمال القوى العاملة بالمجتمع، ولاتزال العالمة تظهر بصورة السيدة العانس ذات نظارة النظر الكبيرة، وتظهر المثقفة تتحدث بشعرها المطلق على المشاهدين، بالميني جيب والصدر المفتوح، وتظهر المتدينة لتدعو النساء للجلوس في المنزل وأن النزول للسوق لابتياع الخضار حرام؟؟

أين المثل الأعلى إذن الذي يقدم للفتيات، وكيف بنا نتغاضى عن هذا العدد الهائل للفتيات لنجعله عرضة للتخبط، والاعتراف بأن الطموح والنجاح قد يصل بهن لتلك الصورة الذهنية الغريبة التي نصر على تقديمها على الدوام، تلك الصورة التي لا تحترم المرأة، بل تدعو لاحتقارها أكثر من حريتها، تشوهها وتجعل منها إنساناً مسلوب الإرادة يسير وفق أهواء الظروف لا وفق التربية والعقل والمنطق...

لقد ظلم كثيرا قاسم أمين بدعوته الجميلة، التي لم يتبقَ منها الآن في أذهان الناس سوى اقتران اسمه بها، وما يرونه من صورة مشوهة، والرجل لو كان حيا لتبرأ من كل تلك الأمثلة؛ فما دعا له كان أرقى من هذا بكثير، ما دعا له مجتمع متكامل يعمل كل أفراده ليصل إلى القمة، مجتمع يحترم كل حقوق أفراده، يعطيهم الحرية المسؤولة التي سيجدون فيها غايتهم لتحقيق أحلامهم وآمالهم دون قيود، مجتمع يعرف كيف يتعامل مع الحرية ويعي معناها الحقيقي.

ايها السادة فى اوروبا الاسلام ليس هو التطرف


الاسلام يقوم على السطية فى كل شي وليس التطرف فالتطرف معناه تجاوز الحد..
فالشيء إن زاد عن حده انقلب لضده.. والتطرف أساسا ليس صفة للمسلمين أو للأمة الإسلامية التي وصفها الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا}.. ويوما بعد يوم يفضح الله الحضارة الأوروبية التي يُفترض أنها تقوم على مبادئ رنانة من الحرية والمساواة، وحرية العقيدة، ثم نسمع عن إجبار الفتيات المسلمات على خلع الحجاب في فرنسا وبلجيكا وغيرها على اعتبار أن هذا الحجاب هو لون من إظهار الهوية في بلدان علمانية..

لكن الأمر لا يقتصر على ذلك.. وإنما نسمع من حين لآخر من يرغب في اقتلاع المسلمين من هويتهم الإسلامية بحيث لا يكون أمامهم إلا الطرد أو الارتداد عن الإسلام والدخول في المسيحية.. صحيح أن الغرب ليس كله هكذا. لكن هذا يحدث.. وللأسف السبب في ذلك هو بعض الدعاوى الصادرة عن مؤسسات دينية كبرى في أوروبا مثل الفاتيكان، والتي يستند إليها هؤلاء المتطرفون في التعبير عن تطرفهم.

عارف إن الكلام لسه مش واضح.. هاضرب لك مثال.. بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر أطلق دعوة العام الماضي لضم كل البشر إلى المسيحية، واصفا هذا الأمر بـ"الواجب والحق الثابت، وتعبير عن الحرية الدينية"! لاحظ كلمة "الحرية الدينية" في اعتناق المسيحية. فقد نقل الموقع الإلكتروني لإذاعة الفاتيكان عن البابا قوله خلال لقاء مع المجلس الأعلى للأعمال البابوية الرسولية، يوم 17/ 5/ 2008: "إن الدعوة إلى تلمذة كل الأمم المنقولة عن يسوع في الإنجيل لا تزال تشكل مهمة إلزامية بالنسبة للكنيسة وبالنسبة إلى كل مؤمن بالمسيح".

وأضاف: "هذا التعهد الرسولي هو واجب وحق ثابت وتعبير عن الحرية الدينية بأبعادها الأخلاقية والاجتماعية والسياسية". هذا التصريح الخطير جاء بعدما حذّر الفاتيكان من تراجع الهوية المسيحية في أوروبا بعد نشره إحصاءات تُظهر تجاوز عدد المسلمين لعدد الكاثوليك على مستوى العالم وذلك لأول مرة، وأرجع ذلك لزيادة معدل المواليد عند المسلمين..
لكن السؤال هو: كيف يكون هناك حديث عن حرية الأديان، ثم يتم استنكار دخول الأوروبيين في الإسلام.. المهم أنه تم استغلال هذه التصريحات الصادرة عن قبلة الكاثوليكية المسيحية، من قِبَل الكنيسة الإنجيلية في بريطانيا بالرغم من خلافها مع البابا.. حيث دعت هي الأخرى إلى تنصير كل مسلمي بريطانيا ليكونوا مسيحيين إنجيليين وليسوا كاثوليك..

الدعوة جاءت على لسان مايكل نظير أسقف مقاطعة روشستر جنوب بريطانيا الذي اتهم باقي قادة الكنيسة البريطانية بعدم بذل ما يلزم من جهد لتنصير مسلمي بريطانيا؛ لخوفهم من التعرض لانتقادات. وفي نفس الاتجاه تعهد بول إيدي عضو المجلس الكنسي للكنيسة بمواصلة حملته الرامية إلى دفع كنيسة إنجلترا للعمل بشكل علني على تنصير المسلمين في البلاد، وتحويلهم تحديدا إلى الطائفة المسيحية الإنجيليكانية.

أعرف أن هذا ليس موقف كل مسيحيي بريطانيا.. نعم.. لكن المشكلة في النتيجة التي ترتبت على ذلك, حيث صارت هناك حساسية شديدة ضد مسلمي بريطانيا المشهود لهم بالكفاءة والتسامح.. ليست هذه الشهادات من عندي، ولكن قالها رئيس الوزراء جوردن براون في تهنئته للمسلمين برمضان هذا العام، كما قامت ملكة بريطانيا بتكريم 20 مسلما بريطانيّا لإسهاماتهم المختلفة في البلاد، بل إن بوريس جونسون عمدة العاصمة لندن دعا أوائل هذا الشهر كل بريطاني غير مسلم إلى صيام يوم واحد مع جار مسلم والإفطار في أحد المساجد القريبة للتعرف أكثر على الإسلام وزيادة فهم تعاليمه، بل إن وزير الدفاع البريطاني بوب أينسورث دعا مسلمي بريطانيا إلى الإقبال على الانضمام للقوات المسلحة، واصفا القوات "المسلمة" بأنها "جزء إيجابي" من المجتمع البريطاني، ولا تعد بأي شكل من الأشكال "عدوّا" له، بل قال في كلمة أدلى بها لمؤتمر القوات المسلحة "إن ثمة عدوا داخل البلاد، بيد أنه ليس الأقلية المسلمة.. إنه التطرف بصفة عامة مهما كان شكله أو خلفياته"..

أي أن الرجل ينفي التطرف عن المسلمين، والملكة تكرّمهم، ورئيس الوزراء يصفهم بأنهم إيجابيون.. ولكن كل هذا شيء، والممارسات شيء آخر.

أوقِفوا الإسلام في أوروبا

بالرغم من كل ما سبق تظهر من حين لآخر جماعات متطرفة ضد الوجود الإسلامي في بريطانيا، بل وفي أوروبا، هي جماعات عنصرية بالأساس وأبرزها جماعتا "أوقِفوا الإسلام في أوروبا"، و"الدفاع عن اللغة الإنجليزية".. وبالرغم من أن عمر الجماعتين لا يتعدى شهرين (تأسستا في يوليو 2009)، إلا أن أنشطتهما بدأت تظهر بسرعة، وكان هدفهما هو استفزاز المسلمين (2.5 مليون مسلم من إجمالي 60 مليون بريطاني يعني 4% تقريبا)، حدث هذا في برمنجهام قبل أيام، ثم حدث هذا أمام أحد مساجد المسلمين في لندن حيث حملوا لافتات وتلفظوا بألفاظ استفزازية، وكانوا ينوون الهجوم على المسجد..

مما اضطر مئات المسلمين إلى التظاهر المضاد، بل وحدوث مناوشات ترتب عليها مصرع أحد المسلمين، واعتقال الشرطة لعشرة منهم بعد أن حدثت مناوشات بين الشرطة وهؤلاء المسلمين.. المشكلة ليست في هذه الواقعة.. إنما المشكلة في تكرارها في مدن أخرى حسبما خططت له هذه المنظمة المتطرفة "الدفاع عن اللغة الإنجليزية"، كما أن المشكلة أن هذه المنظمة لها علاقات وطيدة مع الحزب القومي المتطرف في بريطانيا، وأيضا مع مشجعي كرة القدم المشاغبين (الهوليجانز). وبالرغم من علم الحكومة بمخططاتهم، إلا أنها لم تتخذ خطوات عملية حتى الآن لمواجهة هؤلاء المتطرفين.. بل كما سبق القول فإنه حدثت مناوشات بين الشرطة والمسلمين الذين وقعوا في فخ الاستفزاز..

على أية حال ما نريد أن نقوله هو أن الحكومة البريطانية مطالبة بإعادة الحقوق إلى أصحابها، والوقوف ضد هذه المنظمات المتطرفة؛ لأن هذه المنظمات ستدفع ربما إلى ظهور منظمات مناوئة لها على الصعيد الإسلامي، والنتيجة حالة من عدم الاستقرار داخل بريطانيا تسيء إلى سمعتها العالمية، تماما كما أساء حادث الشهيدة مروة الشربيني لسمعة ألمانيا.

الاغتيال كسياسة وما ترتب عليه

الدين الاسلامى دين السماحة والمحبة وليس دين التطرف كما يقول البعض ممن اضل الله ويروى ان حاكم لمصر.. تربع على عرشها فأعاد فيها سيرة فرعون وقال للناس: "أنا ربكم الأعلى!".. أطلق جنونه من عقاله فأفسد في البلاد ونغص معيشة العباد.. عن ذلك الرجل نتحدث.. عن الخليفة الفاطمي المجنون.. عن الحاكم بأمر الله..

الحاكم بأمر الله, تربع على كرسي الخلافة وهو في الحادية عشرة من عمره, بعد وفاة والده "العزيز بالله الفاطمي"؛ ولكنه لم يتولى الحكم فعليًا إلا بعد ذلك بنحو أربع سنوات, بعد أن اغتال الأوصياء عليه وأصبح حاكمًا منفردًا. ولأننا لسنا في محل لسرد السيرة الكاملة للحاكم بأمر الله؛ وإنما لإظهار مواطن فساده حكمًا وفكرًا وسلوكًا, فسأتطرق مباشرة لما أحدثه من فساد في أرض مصر.

الاغتيال كسياسة وما ترتب عليه

من بداية حكمه بادر الحاكم بتدبير اغتيال أهم وصيين عينهما أباه -قبل موته- ليعيناه على الحكم, وهما الخادم برجوان, والشيخ الحسن بن عمار, شيخ قبيلة كتامة المغربية الموالية للفاطميين والتي كانت قد أقامت في مصر. كان اغتيالهما رغبة من الحاكم في التفرد بالحكم, رغم صغر سنه المفرط (15سنة). وقد أتبع قتل شيخ "كتامة" بعملية تقتيل منظمة في كبار رجال تلك القبيلة التي طالما كانت اليد الباطشة لآبائه وأجداده, مدمرًا بذلك قوة كبيرة كانت تحمي ملكه.

لم تكن تلك الحوادث عابرة؛ بل كانت سياسة له أن يقرب القواد والسياسيين ويستفيد من خبراتهم؛ حتى إذا تعاظمت سطوتهم وخشيهم دس عليهم من يقتلهم, مما حوّل الاغتيال عند الحاكم بأمر الله لسياسة حكم مرتبطة بعهده, توارثها بعد ذلك خلفاؤه خاصة في القسم الأخير من العهد الفاطمي؛ مما ساهم في إضعاف دولتهم وهز استقرار مصر بشكل دائم بحكم انغماس الطبقة الحاكمة في المؤامرات, وما ترتب على ذلك من إهمال أحوال البلاد وتعريضها للمجاعات والانهيارات الاقتصادية المتتالية. أي أن مجرد اتخاذ الحاكم بأمر الله سياسة التخلص المستمر من رجاله كلما علوا؛ أدى إلى عملية "تتابع للنتائج" أدت في النهاية لمرور مصر بعدد من أشنع أزماتها الاقتصادية حيث بلغ القحط خلال بعض تلك الأزمات أن أكل الناس الكلاب والقطط والميتات! بينما كان يمكن تجنيب مصر كل هذا لو ترك الحاكم رجاله يركزون في أعمال الحكم وسياسة الدولة للعمل على صالح الرعية بدلاً من التآمر خوفًا على أنفسهم من القتل!

العبث

ربما يثير التندر ذكر بعض أوامر الحاكم بأمر الله, كمنع زرع وأكل الملوخية, وأمر أصحاب الدكاكين بإغلاقها بالنهار وفتحها بالليل, ومنع النساء من الخروج من البيوت, ولكن الواقع أن تلك الأوامر العبثية -لو دققنا النظر بما وراءها- تعكس إصابة المؤسسة الحاكمة ببعض الآفات المدمرة.

فهي أولاً تجعلنا ندرك -مباشرة- أن الحاكم الذي أصدرها ما هو إلا طفل يلهو, ولو وضعنا تلك المعلومة جنبًا إلى جنب مع ما سبق ذكره من دأب الحاكم على التخلص من العناصر القوية في دولته؛ فإننا سنجد نتيجة خطيرة هي أن مؤسسة الحكم تعاني خواءً صارخًا؛ فضلاً عن انفصال شديد بين ما تراه هي ضروريًا من قوانين وأوامر وما يحتاجه الشعب بالفعل! ففي بلد مثل مصر, يتذبذب فيه حال الاقتصاد وفقًا لمنسوب النيل, وتتعرض فيه البلاد لتهديدات الفرنجة من الشمال وتمردات قبائل السودان وهجمات الأحباش في الجنوب, وينتشر فيها التمزق الطائفي بحكم تخبط السياسات الدينية للحكام الفاطميين الشيعة, في بلد كهذا, من المؤكد أن آخر ما تحتاجه أوامر بقلب الليل نهار أو بمنع تلك الأكلة أو هذه!

ثم إن نشر تلك الأوامر الهزلية والعمل على تنظيم تطبيقها ومراقبته ومعاقبة الخارجين عليها يتطلب من حكومة البلاد جهدًا ومالاً ووقتًا كان الأوْلى صرفهم فيما فيه صالح الرعية؛ مما يعني أن في مجرد إصدارها هدرًا لطاقات الدولة, وهو أحد أوجه فساد الحكم؛ بالإضافة لحقيقة تتضح من هكذا تعليمات وقوانين هي أن من يحكم البلاد قد بلغ مرحلة من الانفصال عن الواقع السياسي والاجتماعي لدولته جعله يعتبر أن الملوخية وفتح المحال بالليل أو النهار من مسائل الأمن القومي.

أما آخر مضار ذلك العبث فقد تمثلت في التضييق على الناس؛ فمن المؤكد أن قلب الليل نهار بالنسبة للدكاكين كانت له مضاره المادية على من يتعارض ذلك الأمر بالنسبة لهم مع احتياجاته المعيشية التي لا تُقضَى إلا بنهار, وحبس النساء في بيوتهن أدى لإضرار شديد بمن كانت منهن بلا رجل يقضي لها حوائجها بالذات لو كانت عجوز أو مقعدة..

دموية ووحشية

ولأنه زوّج جنونه من سلطته؛ فقد ولد هذا وتلك دموية ووحشية مفرطتين, ظهرت مظاهرهما في مسلسل قتله لكل من يخشى -لمجرد الشك- خروجه عليه, أو في أنه كان إذا غضب لم يعف ولم يصفح؛ بل يبادر بتوقيع أشد العقاب في الحال.

وقد امتدت تلك النار لعامة الشعب, فقد كان الحاكم يحب الطواف في الشوارع على حماره ليرى أحوال الناس, وقبل أن يظن القارئ أن في ذلك الخروج مظهرًا من "صلاح" الحاكم, أسارع بتنبيهه أن ذلك كان وبالاً على الرعية؛ فقد كانت عقوبات الحاكم بأمر الله لمخالفة تعليماته -أو القوانين بشكل عام- غير متناسبة من حيث قسوتها المفرطة مع الجرم.

فالسرقة عنده كانت عقوبتها الشنق بلا هوادة, وكذلك إنكار المدين وجود مال للدائن عنده, عاقب عليه بأن شنق المدين على باب بيته, وعندما أمر بعدم خروج النساء من بيوتهن ومنعهن من الذهاب للحمامات الشعبية -حيث اعتدن الاستحمام والتطهر هناك- ووجد بعض النسوة قد خالفنه ودخلن حمامًا, أمر بإغلاقه عليهن حتى متن فيه مختنقات. أما الطامة الكبرى فقد كانت في ما يتعلق بالغش التجاري؛ فقد كان الحاكم يصطحب معه في جولته عبده الأسود "مسعود" وكان حين يطوف بالدكاكين في الأسواق ويجد رجلا يغش في تجارته يأمر مسعودًا أن يفعل بالتاجر فعل اللواط على الملأ في التو والحال!

وحشية عقوبات الحاكم بأمر الله قللت من معدل الجرائم, حتى أن الناس كانت تجد الدنانير الذهبية ملقاة أرضًا فتتركها حيث هي خوفًا من الاتهام بالسرقة؛ ولكنه مع ذلك لم يحقق الأمان المنشود, فقد أمن الناس بعضهم بعضًا في نفس الوقت الذي سكنهم فيه الرعب من حاكمهم!

أما الجريمة الكبرى فكانت حين أراد بعض أهالي مدينة الفسطاط السخرية من الحاكم فصنعوا دمية على هيئة امرأة بالحجم الطبيعي, وجعلوا في يدها ورقة بها سباب في الخليفة ووضعوا الدمية في طريق يمر به يوميًا. فعندما رآها وقرأ الورقة أمر بقتل المرأة, ثم أدرك أنها دمية فعاد إلى قصره وأرسل عبيده السودانيين يحرقون المدينة ويدهمونها ويعتدون على بيوتها. فهجم العبيد على البيوت ونهبوها وقتلوا أهلها واغتصبوا النساء, وأحرقوا ثلثيّ البلد؛ فرأى الجنود الأتراك -وكانوا من أهم عناصر جيش الفاطميين- ذلك فتعاطفوا مع الشعب وخرجوا للشوارع للدفاع عن الناس ضد عدوان عبيد الخليفة. ووقف الخليفة في أعلى مكان بقصره يشاهد ما يجري في البلد وهو يظهر البكاء ويقول بـ"براءة": "من أمر هؤلاء العبيد بفعل هذا؟" ويُظهِر التأييد للجند التركي في دفاعهم عن العامة؛ بينما هو يرسل السلاح سرًا لعبيده ويحثهم على المزيد من القتل والتدمير!

انتهاكات بحق أهل الذمة

وأهل الذمة لم يسلموا من أذى الحاكم؛ فقد كانت أوامره المفاجئة المتعنتة تداهمهم كالقضاء! فقد أمر يومًا أهل الذمة في مصر باعتناق الإسلام وإلا قتلهم جميعًا, في مخالفة صارخة لمبدأ "لا إكراه في الدين" الذي أقره القرآن ودعمته السنة, ثم بعد ذلك بفترة وجيزة ألغى أمره وسمح لمن أسلموا كرهًا أن يعودوا لأديانهم؛ فعاد معظمهم. ثم كان أحيانًا يهدم كنائس النصارى ومعابد اليهود ويحولها لمساجد, ويعود بعدها يهدم تلك المساجد ويعيدها كما كانت معابد وكنائس. كما أمر أهل الذمة جميعًا بأن يعلقوا في أعناقهم رموزهم الدينية لتمييزهم عن المسلمين, وجعل لتلك العَلاَمات أوزانًا محددة, كانت ثقيلة جدًا على العنق بشكل آذى الذميين الذين أمرهم بارتداء تلك الأثقال حتى عند الدخول إلى الحمامات!

اضطهاد أهل السُنة

الفاطميون كانوا شيعة رافضة, ولكن الحاكم بأمر الله بالذات كان أشدهم تعصبًا لمذهبه وبغضًا للسنيين؛ ففي عهده شاع انتهاك حقوق أهل السُنة بشكل صارخ؛ فقد شدد الحاكم الأمر بكتابة سباب الصحابة "أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة وطلحة والزبير وعمرو بن العاص ومعاوية" -رضي الله عنهم أجمعين- على جدران المساجد وفوق الأضرحة والقبور, وأمر بسبابهم من فوق المنابر في الخطب والصلوات, وعاقب من أظهر حبهم بالتشهير والصلب. ثم امتد عبثه للصلوات فمنع صلاتيّ الضُحى والتراويح, وغيّر مواقيت الصلاة فجعلها حسب المزولة العربية لا التوقيت الشمسي؛ فكانت صلاة الظهر تقام في الساعة السابعة والعصر في التاسعة, وهكذا! صحيح أنه قد أمر بعد فترة بإبطال نسبة لا بأس بها من تلك الأوامر, ولكن مجرد استباحتها والتشدد في تطبيقها يظهر عمق فساد فكره.

الحاكم الإله

منذ عام (403هـ-1013م) بدأ الحاكم بأمر الله يدخل في مرحلة من التصوف والزهد؛ فأمر بإبطال مظاهر السيادة الخلفية له, كالمواكب ودق الطبول, وارتدى الثياب الخشنة وأظهر الورع والتقوى, رغبة منه التقرب من الشعب المصري المعروف بالتأثر بتلك المظاهر، تزامن ذلك مع قدوم بعض أتباع المذهب الشيعي الإسماعيلي إلى مصر, فتأثروا بما يظهره الحاكم من مظاهر التقشف والورع؛ فمن هنا بدأت مرحلة تأليهه! ظهر بين هؤلاء رجل اسمه "حسن بن حيدرة الفرغاني" ادعى أن الحاكم بأمر الله هو تجسيد بشري للإله, وأسقط اسم الله وأنكر النبوة والتشريعات والتنزيل السماوي, ووقف في قلب جامع عمرو بن العاص وأعلن ذلك, فهاج عليه الناس وقتلوه. ثم تلاه رجل اسمه "محمد بن إسماعيل الدرزي" وكانت دعوته تقول بأن الحاكم بأمر الله هو خالق العالم وأنه تجسيد الإله, وجعل له كتابًا كالقرآن سماه "الدستور"؛ فأعجب به الحاكم وقربه منه، وجعله أعلى رجال دولته والمتحكم بالوزراء والقادة. وكان الحاكم قد أمر الناس عند سماع اسمه -أي الحاكم بأمر الله- في الخطب وهم جلوس أن يقوموا تعظيمًا له, وإن سمعوها وهم وقوف أن يسجدوا له, وكان الرجل منهم إذا لقي الحاكم يحييه بقوله: "يا محيي يا مميت يا واحد يا أحد", وكانت تلك الأوامر هي السبب في صنع أهل الفسطاط دمية المرأة سالفة الذكر.

ثار الفقهاء وأهل مصر على "محمد بن إسماعيل الدرزي" وطالبوا الحاكم بتسليمه لهم لمعاقبته, فساعده الحاكم على الهرب إلى جبال لبنان وأمده بالأموال وأمره بنشر الدعوة في الشام, فسافر إلى مدينة "بانياس" الشامية وبدأ دعوته التي أصبحت نواة للديانة المعروفة بـ"الدرزية" المنتشرة الآن في لبنان وسوريا, والتي تقول بألوهية الحاكم بأمر الله وعودته في آخر الزمان. وهم حتى الآن منتشرون في الشام, ومنهم شخصيات بارزة, كالفنانين فريد الأطرش وأسمهان, وكسلطان باشا الأطرش الثائر السوري خلال الاحتلال الفرنسي للشام, والسياسي اللبناني وليد جنبلاط والإعلامي السوري فيصل القاسم.

وكانت المهزلة الكبرى حين حاول الحاكم نقل الحج من مكة إلى مصر, فحاول سرقة أجساد الرسول -عليه الصلاة والسلام-والخليفتين أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- ونقلهما لمصر وبناء مشهد لهم يطاف حوله بدل الكعبة! ولكن -بالطبع- انفضح تدبيره وفشل.

نهاية الطاغية

امتد أذى الحاكم للجميع بلا استثناء, أهل الذمة والمسلمون, الرعية والطبقة الحاكمة, وحتى أخته "سِت المُلك" اتهمها في شرفها، وكاد أن يقتلها؛ وذلك لأنها كانت تحاول رده عن جنونه وتنبيهه لخطورة أفعاله على الدولة, فسارعت بتدبير قتله مع بعض رجال القصر. وفي يوم, وبينما كان الحاكم بأمر الله راكبًا حماره على جبل المقطم ينظر في النجوم -لاهتمامه بالتنجيم وقراءة الغيب- بادره بعض العبيد بسيوفهم فقَطّعوه. وعندما طالت غيبته بعث رجاله من ينظره؛ فوجدوا ملابسه ممزقة دامية ولم يجدوا له جسدًا. وأعلنت أخته موته ونوديَ بابنه "الظاهر لإعزاز دين الله" خليفة تحت وصاية عمته "ست المُلك"؛ لأنه كان صبيًا صغيرًا.

تلك نهاية كانت تليق بشخصية جنونية متألهة كالحاكم. ولتزداد جنونية الصورة فإن المؤمنين بألوهيته -آنذاك- قد أنكروا موته وقالوا بعودته في آخر الزمان.

الحاكم كان فسادًا وجنونًا يمشي على قدمين, ذهب ورحل إلى حيث ألقت.. ولكن للأسف, ترك جنون العظمة والقوة الغاشمة وتأليه الذات سُننًا توارثها قوم آخرين.. فالأسماء تختلف, ولكن الأفعال قد تتشابه!

                                                                      (يتبع)

مصادر المعلومات

-1-تاريخ الفاطميين: د.محمد سهيل طقوش.
-2-ملامح القاهرة في ألف سنة: جمال الغيطاني.
-3-تاريخ المذاهب الإسلامية: الإمام محمد أبو زهرة.
-4-الفاطمية دولة التفاريح والتباريح: جمال بدوي.
-5-النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة: ابن تغري بردي.
-6-الفرق والجماعات الدينية: د.سعيد مراد.
-7-بدائع الزهور في وقائع الدهور: ابن إياس.
-8-أهل الذمة في مصر: د.قاسم عبده قاسم.
-9-البداية والنهاية: ابن كثير.

عبادة الشيطان فى قلب الوطن العربى - اليزيدية خطر داهم

الله هو الواحد الاحد الذى لا اله غيرة قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم {ألم أعهَد إليكم يا بني آدم أن لا تَعبدوا الشيطان إنه لكم عدوٌ مُبِين، وأن اعبدوني هذا صراطٌ مستقيم} صدق الله العظيم [سورة يـس: 60-61].

هكذا قال الله تعالى.. قالها -عز وجل- صريحة قوية, أن الشيطان لنا "عدوٌ مُبِين" -أي ظاهر العداوة.. ولكن البعض تعمدوا مخالفة ذلك الأمر الإلهي القوي, وحولوا "العدو المُبين" إلى إله تُقام له الصلوات ويُسَبَّح باسمه آناء الليل وأطراف النهار.. انشقوا عن كل الديانات السماوية، وقدّسوا الشيطان فأهدروا قرونًا من الصراع بيننا معشر أبناء آدم وبين إبليس ونسله؛ باعتبارهم إياه الإله والمعبود والرفيق الحميم.. فهل من فساد في الأرض أكثر سفهًا من ذلك؟ عن "اليزيدية" نتحدث...

في قلب الشرق العربي الإسلامي, تحديدًا في فارس والعراق ظهروا.. وعاشوا, ومازالوا -للأسف- يعيشون.. هم الذين أقاموا الشيطان معبودًا وقدموا له الصلوات.. وانشقوا عن صف المسلمين.. مؤسسين واحدة من أخطر العقائد السرية المنبثقة عن حركة "الزندقة", وهي الحركة السياسية الدينية التي دبرتها بعض العناصر الفارسية التي لم تتقبل فكرة الاندماج في النسيج العربي الإسلامي؛ فتظاهرت باعتناق الإسلام لتضربه من الداخل من خلال إقحام محتويات الديانات الفارسية القديمة عليه من جهة, وتدبير المؤامرات الداخلية لإثارة الحروب الأهلية والانشقاقات من جهة أخرى. وتلك الديانة السرية -اليزيدية- كانت الأكثر إثارة للمؤرخين. فرغم أنها لم تكن الأخطر؛ إلا أنها كانت الأكثر سرية، وكان أتباعها وقادتها الأكثر براعة في التكتم على أمرهم؛ مما يجعلنا نتخيل مدى الضرر الذي كان من الممكن أن يُحدِثوه للدولة الإسلامية لو لم ينكشف أمرهم تحت النور! صحيح أنه لم يتم كشف أية مخططات لهم ضد الدول التي تواجدوا بها؛ ولكن توقيت انكشاف أمرهم وتعاظمه, وتكرر ذلك عبر العهود المختلفة, كان يتزامن مع فترات حرجة بشكل يوحي بتعمدهم إثارة القلاقل والتوترات السياسية والطائفية.

الشيطان.. في الديانات القديمة:-
عبادة القوة الرامزة للشر -أيًا كانت- هي عبادة شديدة القِدَم؛ فالفراعنة عَدّوا "سِت" إلهًا للشر بين آلهتهم الكثيرة, والآشوريون عبدوا "آشور" إله الحرب, والهنود صلوا لـ"كالي" آلهة الموت والدمار... كل تلك الآلهة كانت رموزًا للكيانات الشريرة الضارة لتلك الحضارات؛ ولكنها لم تُمَثِل لعابديها المُثُل العليا ولا الرموز الطيبة؛ بل عُبِدَت اتقاءً لشرها, وحين سما الفكر الإنساني, وازداد إدراك المبادئ الراقية مال الإنسان -في رحلة بحثه عن الله- لقَصر التقديس على الرموز الطيبة النافعة فحسب؛ بينما أصبحت رموز الشر والأذى أهدافًا للعناته. تلك الخطوة الراقية توّجتها الرسالات السماوية الثلاث بالتفرقة بين الله تعالى كخالق أعلى هو مصدر كل الصفات الطيبة, والشيطان كمخلوق مارق يسعى لإيذاء الإنسان من خلال إفساد علاقته بخالقه عز وجَل.

ولكن ظهر في الشرق القديم -في ما قبل البعثة المحمدية- تيار فكري ديني يقول بالمساواة بين قوى الخير وقوى الشر؛ بحيث تحول الشر من أمر عارض استثنائي -مصيره الزوال مهما طال عهده- على قاعدة سيادة الخير للعالم, إلى أمر واقع متساوٍ من حيث الوجود والسيادة مع الخير. فقَسَّم أتباع هذا الفكر الكون إلى عالمين -عالم النور وعالم الظلام- وقالا بتساويهما في المساحة المكانية والزمنية. تلك الفكرة ربما تبدو للوهلة الأولى حقيقة؛ ولكنها ليست كذلك؛ فالواقع يقول: إن الله هو الخير وهو الأقوى بحكم كونه عز وجل هو الخالق؛ بينما الشيطان هو الشر وهو الأضعف مهما بلغت قوته لأنه لا يتساوى مع الله. بينما قال هؤلاء ببساطة بالمناداة بالإيمان بتساوي الشيطان مع الإله في القوة، وتحويل الشيطان من مخلوق متمرد على سيده إلى سيد يعادل الخالق في القوة وحرية الإرادة.

هكذا جاء في بعض الديانات الفارسية القديمة, كالزرادشتية (المجوسية) التي قسمت العالم بين إلهين "أهورامزدا" إله عالم النور و"أهريمن" إله عالم الظلام, وجعلت الحياة عبارة عن صراع أبدي بينهما, وجاء المفكر الفارسي "ماني" بديانته "المانوية" المنسوبة إليه, ليؤكد تلك الفكرة التي وجدت طريقها عبر الحدود والتقاء الحضارات إلى مختلف بقاع الأرض, وعصورها!

البداية
هي فرقة دينية مصنفة من قِبَل جمهور المسلمين كفرقة غير مسلمة -كالبهائيين والدروز- ولا يوجد رأي ثابت في نشأتها, وهذا لشدة غموض تاريخها وتناقض رواياته، ولشدة التزام أتباعها بالتكتم والسرية حول كل ما يخص عقيدتهم. ولكن المتفق عليه أنها وُجِدَت في الشكل المعروف للمؤرخين فيما بعد القرن السادس الهجري, مع انتشار تيارات التصوف في الشرق العربي.

القصة الأقدم في ما أمكن معرفته من تاريخ اليزيدية تبدأ برجل صالح عابد وزاهد اسمه "الشيخ عدي بن مسافر", انتقل من مدينة بعلبك اللبنانية إلى العراق؛ حيث تتلمذ على يد العالم الكبير "الإمام أبو حامد الغزالي" وتعرف على القطب الصوفي "عبد القادر الجيلاني"، وتأثر بهما, ثم سافر إلى منطقة "لالش" في جبال العراق -تحديدًا المنطقة الكردية- حيث تنسك على قمة أحد الجبال، واعتزل العالم وعاش زاهدًا متعبدًا؛ حتى مات, وبقي أبناؤه وأحفاده يرثون عنه القيادة الروحية للمنطقة التي سكنها, واحدًا تلو الآخر.

زهد الشيخ عدي جعل الناس يتعلقون به, ولكن للأسف دارت الأيام وشاب ذلك التعلق مبالغات في وصف كرامات الشيخ تطورت إلى حَد مخالفة الشرع, وشجّع ذلك أحد خلفائه ليعبث بالدين, ويعيد من جديد بعث الديانات الفارسية القديمة سالفة الذكر, وينشر تقديس كل من يزيد بن معاوية بن أبي سفيان (ومن هنا جاء اسمهم)، وكذلك تقديس الشيخ عدي باعتباره المبعوث المقدس الذي قام بإحياء الدين من جديد, أما الطامة الكبرى فكانت في إيمانهم بأن من أرسله هو عزازيل, الذي نعرفه باسم إبليس، ويعرفونه باسم "طاووس مَلَك" !نعم, كانوا يقدسون إبليس, ويؤمنون أن الله تعالى خلق الكون وَكَّل إدارته وتسييره لسبعة ملائكة على رأسهم "عزازيل/إبليس" الذي يقول اليزيديون أنه تاب عن خطيئة عدم السجود لآدم، وأن الله تعالى قبل توبته؛ حيث كان عذر الشيطان أن الله تعالى حين خلقه جعل فطرته عدم السجود لمخلوق؛ فعفا عنه ونصّبه كبيرًا للملائكة.

ورفضوا القول بأنه شيطان حتى حرّموا مجرد نطق الكلمة على أتباع دينهم، وقالوا إنه الملاك الأعظم الذي خلق نفسه بنفسه. صحيح أنهم لم يساووه بالله تعالى؛ لكن مجرد قولهم باستعانة الله بمخلوق في الخلق وتقدير المصائر هو شرك بيّن! أما عن اتخاذهم يزيد بن معاوية إمامًا؛ فهو أمر غير معروف سببه, وإن كان البعض يرجح أن ذلك كان بمثابة تحدٍ للسيادة العباسية والفكر العام للمسلمين الذين يكنون المشاعر السيئة ليزيد لدوره في مقتل الحسين بن علي -رضي الله عنهما- فقال اليزيديون: إن من لم يقل بإمامة يزيد فدمه وماله حلال, ووصفوا يزيد بأنه التجسيد البشري لعزازيل, أو "طاووس ملك" الذي نسبوا له تنزيل كتابهم المقدس "مصحف رش" الذي يمتلئ بالتمجيد للشيطان والوعيد لمن يرفضون ذلك بالويل والثبور!

أصول من الديانات القديمة:
 المدقق في "اليزيدية" يلاحظ مدى التطابق بينها وبين الديانات الفارسية القديمة -تحديدًا الزرادشتية- من حيث المعتقدات ومساواة الشيطان بالله في حقوقه على العباد؛ فقد آمن اليزيديون بتناسخ الأرواح وانتقال الروح من الجسد بعد الموت إلى جسد آخر للتكفير عن الذنب في الحياة السابقة. كما آمنوا بانقسام العالم إلى عالمي الظلام والنور, واعتقدوا في نظرية "الحلول" وهي حلول روح الله أو الملائكة في بعض الناس. وقدّسوا العناصر الكونية الأربعة -الهواء والماء والنار والتراب- تمامًا كما كان الزرادشتيون -وأتباع الديانات الآسيوية القديمة غالبًا-يفعلون.

عقيدة سرية
تلك الملاحظة تقودنا لسؤال هام: كيف وجدت تلك العقائد المندثرة منذ قرون سابقة لظهور تلك الديانة طريقها لمن صاغوا وصنعوا هذا الدين الجديد, ومن آمنوا به؟

الإجابة الوحيدة المنطقية: هي أن تاريخ نشأة تلك العقيدة يسبق تاريخ ظهورها بكثير؛ إذ إنها ظهرت علانية في فترة حرجة من تاريخ المسلمين, تهددت خلالها الحضارة الإسلامية بهجمات المغول والصليبيين؛ بينما بقيت خفية طوال تلك السنوات؛ حيث كان مجرد إعلان أتباعها عن أنفسهم يهددهم بالإبادة التامة من قِبَل الخلفاء العباسيين والقادة والولاة الغيورين على المقدسات من العبث؛ ولكن قادة تلك الديانة ينكرون حداثة أمرها, وينشرون الأكاذيب حول كونها ديانة أقدم من الديانات السماوية كلها، ويدّعون أن أتباعها تظاهروا باعتناق الإسلام خوفًا من الإبادة, واستثقالاً للجزية. وهي كذبة مكشوفة؛ فأولاً لم يكن المسلمون يعتدون على من يرفض اعتناق الإسلام, واتسع نطاق أهل الذمة ليشمل أديانًا غير سماوية كالصابئة والمجوس وبعض ديانات البربر. وثانيًا لم تكن الجزية أبدًا بالمبلغ الذي يُعجَز عن دفعه؛ فضلاً عن أن الفقير كان يُعفَى منها.

ثم إن ما في ديانتهم من تأثرات بالإسلام يوحي بحداثة عهدهم عنه؛ فقد اتخذوا بئرًا مقدسة في إحدى مناطق تواجدهم وسموها "زمزم" كتلك التي في مكة, وسموا أحد كتبهم "المصحف", وكانت لهم صلوات وطقوس تعبدية شبيهة بتلك الإسلامية؛ فضلاً عن قيامهم بختان أطفالهم ودفن موتاهم بالطريقة الإسلامية.. لهذه الأسباب وأكثر, يتفق معظم المؤرخين على أن فكرة قِدَم عهد اليزيدية بالشكل الذي يدعيه أتباعها عبارة عن أكذوبة. وأكثر التواريخ قِدمًا تقول بظهور عقيدتهم فيما بعد سقوط الدولة الأموية مباشرة. والمثير أنهم برعوا في تطبيق مبدأ "التقية" الذي يتبعه الكثيرون من أبناء العقائد السرية أو ذات الطقوس الخاصة, وهو مبدأ يقول بادعاء اعتناق الإسلام علنًا مع الحفاظ سرًا على العقيدة الأصلية.

أوقات حرجة:-
ولتكتمل نظرية المؤامرة؛ فإن من المُلاحَظ أنهم كانوا يتعمدون إظهار أمرهم خلال أشد الفترات حساسية في التاريخ العربي؛ فالظهور الأول لهم كان في مرحلة كان فيها العرب والمسلمون ممزقون وسط صراع العباسيين من بغداد مع الفاطميين من القاهرة, وكانت الجيوش الصليبية تطرق أبواب العالم الإسلامي بعنف. ثم أعادوا البروز في الساحة تزامنًا مع الاجتياح المغولي. وكان بروزهم للمرة الثالثة في النصف الثاني من القرن التاسع عشر, خلال عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني. كان السلطان -آنذاك- يحكم معظم العالم العربي الإسلامي الذي كانت تتهدده الأطماع الأوروبية. وكان يكافح بكل طاقته لتأسيس تكتل إسلامي ضخم يقف أمام كل من دول أوروبا الطامعة في بلاد الشرق, وروسيا المتطلعة للوثوب على تركيا ذاتها, واليهود الصهيونيين الذين كانوا قد بدؤوا سعيهم العملي للحصول على حق تأسيس دولة في فلسطين؛ وسط كل تلك المآزق السياسية, أبرز زعماء اليزيدية مشكلتهم من خلال محاولتهم الاتصال بالغرب من خلال بعثة تبشيرية أمريكية, سعوا من خلال الاتصال بها إلى دفع الدول الغربية للضغط على السلطان لمنحهم ما زعموا أنه حقوقهم في المواطنة. وكل هذا فقط لأن السلطان ورجال حكومته كانوا يريدون أن يؤدي اليزيديون الخدمة العسكرية أسوة بسائر طوائف رعايا الدولة العثمانية. ولاشك تصرف أعضاء تلك الطائفة بهذا الشكل في ذلك التوقيت يُعَد خيانة صريحة للدولة, ويؤكد نظرية وجود شيء غير مريح في سرية كيانهم والغموض المحيط به.

الخلاصة:-
ربما يسأل البعض: "ما وجه الفساد الذي يمارسه قوم اختاروا لأنفسهم أمرًا؟"

والإجابة هي: إن الجماعات البشرية ليست جزرًا معزولة؛ فكل منها يؤثر ويتأثر بالآخر.. وإن كان الناس متنوعون في العقائد والأديان؛ إلا أن "صمام الأمان" بينهم هو اتفاق كل تلك الأديان على تمجيد الخير ونبذ الشر وعدم تدبير المؤامرات في الخفاء. أما أن تعتنق إحدى تلك الجماعات الإنسانية عقيدة تخالف الفطرة البشرية السوية الرافضة للشر, فتقدس الرمز الأول لكل الشرور والخطايا، وتعتبره الحامي والمعين وصاحب الأمر والنهي؛ فهذا يمثل أولاً تهديدًا للسلام العام بين أهل الأديان المختلفة, وثانيًا هو أمر يعني أن وجود تلك الجماعة في قلب أي مجتمع هو بمثابة قنبلة موقوتة؛ إذ إن معايير الخير والشر عندها ستكون مختلفة عن ما تتفق عليه ضمائر البشر.. وأنها -في أي وقت- قد تنقلب على مجتمعها في تلك اللحظة التي يقع فيها خلاف عملي حول مفهوم ما هو "خير" وما هو "شر"..

والدليل هو أن الدولة العربية الإسلامية لم تَسلَم عبر العصور من جماعات مماثلة ذات عقائد مختلة ارتكبت أعتى الجرائم, كجماعة القرامطة التي اعتدت على الكعبة ذاتها واقتلعت منها الحجر الأسود ولم تعده سوى بعد 20 سنة, أو كجماعة "الحشاشين" التي روعت الشرق بأسره لقرون بجرائم الاغتيال المتتالية.. كل ما في الأمر أن جماعة "اليزيدية" لم تحظَ بالقوة العددية أو التسليحية، ولا بالقيادة القادرة على أن تسبب ضررًا ماديًا.. وإن بقيت فقط علامة على أن الإنسان قد يرتد للخلف قرونًا كثيرة بفكره وعقله؛ فيقدس رمزًا للشر بعد أن كانت الحضارات الأولى قد تعلمت نبذة منذ زمن بعيد!

(يتبع)

مصادر المعلومات:-
- البداية والنهاية: ابن كثير.
- تاريخ اليزيديين: جون س. كيست.
- الفرق والجماعات الدينية: د.سعيد مراد.
- المدخل في تاريخ الأديان: د.سعيد مراد.
- اليزيدية وفلسفة الدائرة: عبد الناصر حسو.
- طاووس ملك اليزيدية: ليدي درور.
- الدولة العثمانية: د.محمد سهيل طقوش.
- موسوعة تاريخ العرب: عبدعون الروضان.
- الله: عباس محمود العقاد.

هل للفتنة الطائفية فن فى مصر ؟


جريمة استهداف المسيحيين في الخصوص وفي جنازة ضحاياهم‏،‏ وقصف الشرطة للكاتدرائية القبطية‏، ليست مجرد تصعيد لما رأيناه في كل الجرائم الطائفية على مدى أربعة عقود، وإنما مظهر من مظاهر هدر أسس دولة المواطنة، وحصاد فكر ونهج وحكم يميز بين المصريين بسبب الدين.

ولن يثمر تعميق هذا التمييز الديني سوى تكريس أسباب الاحتقان والفتن والجرائم الطائفية، التي يغذيها انفلات خطاب تحريض ديني، يعتبر المخالف للإخوان وحلفائهم من السلفيين والجهاديين معاديا للإسلام والتشكيك في عقيدته وتكفيره، ويبرر استحلال العدوان على حقوق المواطنة والإنسان للمسيحيين والمعارضين واستباحة أموالهم وأعراضهم ودمائهم وأرواحهم. وقد تفاقمت أسباب التمييز والتكفير والتحريض مع إنكار وإهدار قيم الوطن والوطنية والمواطنة في سياق صعود مشروع استهداف إحياء دولة الفقهاء والخلافة، الذي يرى المصريين رعايا لا مواطنين لهم كامل حقوق المواطنة دون تمييز وتهميش أو إقصاء وانتقاص، ويرى مصر أقدم دول العالم ولاية لا دولة وطنية ذات سيادة، وينكّس راية الأمة المصرية أعرق أمم الدنيا رافعا لواء الدعوة إلى إحياء دولة الخلافة العالمية الموهومة التي تخطاها التاريخ ويناقضها الواقع.

ولن تتم تصفية أسباب الاحتقان الطائفي بغير اقتلاع جذوره الثقافية العميقة وإعلاء قيم التسامح واحترام المختلف دينا ومذهبا وعقيدة وفكرا مع الإسلام السُنّي، وتعديل وإعادة صياغة ديباجة ومواد الدستور المعيب والمختطف بليل، بحيث يصدر باسم الأمة المصرية ويستهدف بناء دولة المواطنة، وتعديل التشريعات وإصدار ما يلزم منها وتطبيقها بما يؤكد فعلا وليس قولا مبدأ أن المواطنين سواء أمام القانون.

وكما لم يعد مقبولا استمرار تزييف تاريخ الأمة المصرية العريق، لم يعد ممكنا استمرار التباطؤ في إصدار تشريعات مكافحة التحريض الديني، ومنع ازدراء الأديان، وتنظيم بناء دور العبادة من جهة، وجعل أجهزة الأمن في خدمة الشعب لا النظام لتكف عن أن تكون أداة قمع للمعارضين وقهر للمستضعفين، وتنهض بوظيفتها في توفير الأمن والأمان لجميع المواطنين، من جهة أخرى. واستنادا إلى ما نشرته قبل وبعد ثورة 25 يناير، أكتفي هنا بإعادة تأكيد ثلاث حقائق؟

الحقيقة الأولى: أن ما أثارته جماعة الإخوان من ضجيج ضد النص على مبدأ المواطنة، في المادة الأولى من الدستور مع تعديلاته في عام 2007، كشف أنها لا تقبل باجتهادات أقرّت بالمساواة بين المسلمين وغيرهم من المواطنين في الولايات العامة، وفسّرت المرجعية الإسلامية باعتبارها إعلاء لمقاصد الشريعة في دولة مدنية، ودعوة الجماعة إلى تحديد مفهوم المواطنة درءا للالتباس، بزعم أنها تنذر بوضع الولاء للوطن في مواجهة الولاء للعقيدة، تخلق التباسا لا يجوز بين الانتماء إلى الوطن والولاء لمصالحه العليا والإيمان بالدين والالتزام بمقاصد شريعته!

وصيغة "إما الدين وإما الوطن" لم يقل بها أحد، وإنما اختلقها متحدثون باسم الجماعة، وتجعل الانتساب إلى إحدى جماعات الإسلام السياسي والانصياع لفقهها في تضاد مع الانتماء إلى الوطن والولاء لمصلحته. ومبدأ المواطنة لا يخشاه إلا من يعمل على تكريس مناخ الاحتقان والفتنة الطائفية! ويتطلع إلى بعث خلافة أهدرت معظم تاريخها حقوق المصريين، مسلمين وغير مسلمين! ويجهل أن المواطنة ملازمة لرابطة الجنسية في الدولة الوطنية الحديثة! وينكر أن مواطني مصر مسلمين ومسيحيين كلاهما مكوّن أصيل في النسيج الوطني المصري، وليس بينهم وافدون أو ضيوف، كما يزعم البعض الجاهل. (علاقة الدين بالدولة في حوار المواطنة، الأهرام 11 مارس 2007).

والحقيقة الثانية: أن شعار المصريين العظيم الدين لله والوطن للجميع لم يكن وليد ثورة 1919، بل كان أساس تكوين مصر قبل أكثر من خمسة آلاف وأربعمائة سنة، حين أقام المصريون رغم تنوع معتقداتهم الدينية أول دولة مركزية وأول أمة موحّدة في التاريخ، فقد كان قبول واحترام الآخر المختلف دينيا ركيزة الوحدة بين الصعيد والدلتا، أو ما سماه الآباء المؤسسون القطرين أو الأرضين، واستمرت وحدة تاجي قسمي مصر لا تنفصم، وكان تعايش أصحاب المعتقدات المتباينة هو الأساس المتين لرسوخ وحدة مصر الفريدة، سياسيا واجتماعيا ووطنيا وثقافيا.

ومهما أوغلنا في القدم نجد المصريين القدماء قد عاشوا كشعب يسيطر النظام على علاقاته الاجتماعية، ويعتبرون اضطراب هذا النظام جرما. وأنتجت كل مرحلة من مراحل تاريخ المصريين الطويل معتقدات دينية جديدة عاشت بجانب القديمة. وكما يوجز سيمسون نايوفتس في كتابه مصر أصل الشجرة، فقد آمن المصريون قبل الأديان السماوية بالإله الواحد الذي صارت كل الآلهة صورا له، ليواصلوا وحدتهم الوطنية رغم تنوع معتقداتهم. (الدين لله والوطن للجميع أساس تكوين مصر، الأهرام، 2 مارس 2010).

والحقيقة الثالثة: أنه ينبغي -في سياق تعزيز قيم وثقافة المواطنة- أن ينص الدستور على حظر تشكيل أحزاب على أساس ديني أو طائفي، من حيث العضوية والبرنامج والأهداف والنشاط، لكنني لا أفهم حظر تأسيس أحزاب مدنية ذات مرجعية دينية تستلهم برامجها من القيم الدينية باعتبارها المرجعية الثقافية المهيمنة، ما دام الدستور نصا وروحا يحول دون أن يفرض أي من هذه الأحزاب تفسيره لهذه المرجعية على المجتمع، وما دامت تتوافر آليات تحول دون تعديل أو تغيير الدستور وفق الإرادة المنفردة لمثل هذه الأحزاب إن وصلت إلى الحكم عبر انتخابات حرة.

إن الجدال حول علاقة الدين بالدولة قد عاش معنا منذ مناقشات إعداد دستور 1923، وربما يبقى طويلا، وهو ما نراه في أعرق الدول الديمقراطية، فقد نص التعديل الأول للدستور الأمريكي في عام 1791 على الفصل بين الدين والدولة، ولم يتم التوصل إلى إجماع وطني أمريكي على تطبيقه إلا بعد 77 عاما، ولم تؤكد المحكمة العليا الأمريكية عدم دستورية أي قوانين يمكن أن تفسر على تبني الدولة دينا معينا إلا عام 1947 (علاقة الدين بالدولة في حوار المواطنة، الأهرام 11 مارس 2007).

وزارة الصحة النتيجة النهائية لانهيار كوبرى سوق العبور 3 قتلى و 11 اصابة


لقى 3 أشخاص مصرعهم وأصيب 11 شخصا آخرين، السبت، إثر انهيار كوبري مشاه تحت الإنشاء على سيارة ميكروباص بطريق القاهرة - الإسماعيلية الصحراوي، بالقرب من سوق العبور.
وكانت غرفه عمليات نجدة القاهرة قد تلقت بلاغا بانهيار كوبري للمشاة تحت الإنشاء على طريق القاهرة - الإسماعيلية الصحراوي بالقرب من سوق العبور.
وانتقلت على الفور الأجهزة الأمنية إلي مكان البلاغ وتبين انهيار الكوبري فوق سيارة ميكروباص أثناء مرورها أسفل الكوبري.
وأسفر الحادث عن مصرع 3 أشخاص وإصابة 11 آخرين من مستقلي السيارة الميكروباص، فيما لا يزال رجال الأمن ويبحثون عن العمال الذين كانوا أعلي وتحديد الكوبري، و ما كانوا أصيبوا فى حادث من عدمه.
ومن جهته، انتقل رجال الإدارة العامة للمرور إلي مكان الحادث لرفع آثار الحادث من الطريق والنقل وإعادة علي حركة المرور علي الطريق مرة أخرى.

اسباب سقوط طائرة حربية مصرية فى العوينات


بسبب سوء الاحوال الجوية أصيب 7 أشخاص جراء تحطم طائرة حربية مصرية شرق العوينات في محافظة الوادي الجديد، منتصف ليل الأحد.
ويقوم مركز إسعاف الداخلة بعمل الإسعافات الأولية اللازمة للمصابين، من خلال مرفق الاسعاف بمركز الداخلة.
جدير بالذكر، أن الطائرة الحربية تحمل أفراد من القوات المسلحة، وسقطت عند منطقة الكيلو 60 علي طريق ''الداخلة – شرق العوينات'' في محافظة الوادي الجديد. 

مقبرة بشرية في اعماق البحر !


نبتون ميموريال ريف (Neptune Memorial Reef) والذي يعرف أيضا باسم اتلانتيس ميموريال ريف، هو ضريح يقع على عمق 40 قدماً من بحر ميامي بفلوريدا وهو أيضا أكبر مساحة صنعها الإنسان في الأعماق، تغطي أكثر من 65 ألف متر مربع من قاع المحيط.
بدلا من نثر رماد الموتى عشوائيا في مياه المحيطات، يمكن للعائلات دفن رماد موتاها في مقبرة نبتون ميموريال ريف، حيث يتم خلط الرماد مع اسمنت خاص وبناء نصب تذكاري للمتوفى.
يقوم الغطاسون بعدها بتثبيته في القاع مع لوحة من النحاس يدون عليها تفاصيل المتوفى. ومن ثم يلتقطون صوراً للضريح حتى تحتفظ بها الأسرة في ألبوماتها.

السبت، 20 أبريل 2013

كيف تتخطين جميع العوائق التي تقف أمام حبك؟!!


قد يخيب ظن المرأة أحياناً بعد أن تشعر ببعض الإشارات التي تؤكد أن بعدها عن حبيبها أنهى الحب الكبير الذي كانا يحملانه كل للآخر، بينما تريد هي أن تسير الأمور بشكل طبيعي بالرغم من العقبات الكبيرة. تتطلب العلاقات العاطفية التي تحصل بين طرفين بعض الالتزام بينهما لأن الحفاظ على الحب قد يكون أصعب من الحب نفسه، وإليك بعذ الإرشادات للحفاظ على حبك والتخلص من جميع العوائق التي تهدده:

• على المرأة أن تتأكد من كل التفاصيل قبل أن تبادر إلى الحكم بعوائق الحب. كوني واثقة بتصرفاتك كي لا تبدي تأخراً أو خوفاً أو قلقاً في ما يتعلق بهذه الأمور.

• عليك أن تدافعي عما ترينه مناسباً وصحيحاً وألا تخافي من أي شيء، خصوصاً إن واجهت أي عائق في الحب، لأنك ستتمكنين من التصدي له إن تصرفت بهذه الطريقة.

• إذا ما حاولت إيجاد الحلول بالطريقة المنطقية فستكونين مميزة بنظر زوجك وستتمكنين من إيجاد كل الحلول للمصائب والشدائد التي قد تمران بها.

• من المهم أن تفكري كيف أتى ذلك العائق ومن أي الجوانب، لأن ذلك سيؤثر على طريقة تصرفاتك، ولتتمكني من التوصل الى حل منطقي للعائق الذي يقف في طريقك.

الاعلام يقوم على الاثارة وجلب الانتباة


كثيرا ما تتردد العبارة المعروفة في توصيف الاعلام،
وهي انك عندما تنشر خبرا ان كلبا عض رجلا، فهو خبر عادي غير ملفت، ولكن الامر يختلف ان نشرت، ان رجلا عض كلب ....هنا الاثارة وهنا ما يجلب الانتباه...
ثم ان الاعلام نحن الذي لم نواكب الغايات منه....لازلنا في تصورنا انه وسيلة خبرية...نعتبره انسان يخبرك عن امر معين ...وهذا من اكبر الاخطاء الفادحة التي لم نلتفت اليها....
لعلنا يجب ان نسأل:
لماذا تأسست هذه الوسيلة الاعلامية...؟
لماذا اختير لها هذا الشعار...
لماذا هذا الاسم
لماذا
لماذا 
لماذا
لماذا...
ما وراء هذا الخبر
لماذا هذا يختلف عن هذا في نقل الخبر رغم ان الخبر واحد....
الى آخره...
اخي الكريم ، شاهدت فيلما ـ للأسف نسيت عنوانه ـ بطولة بروس ويليس كان حول من يستحق جائزة افضل اعلامي او صحفي، وكان هو من المرشحين...باختصار، افتعل جريمة لانسان بريء جعل كل الولايات تنادي باعدامه...وفي نفس الوقت اخرجه ببراءة شديدة دون ان يلتفت اليه احد....
خطير هذا الفلم وهو يحكي عن الواقع الذي نعيشه.....
آسف عن الاطالة...ولكننا قوم لا نأكل مما ننتج...

الاعلام يقوم على الاثارة وجلب الانتباة


كثيرا ما تتردد العبارة المعروفة في توصيف الاعلام، وهي انك عندما تنشر خبرا ان كلبا عض رجلا، فهو خبر عادي غير ملفت، ولكن الامر يختلف ان نشرت، ان رجلا عض كلب ....هنا الاثارة وهنا ما يجلب الانتباه...
ثم ان الاعلام نحن الذي لم نواكب الغايات منه....لازلنا في تصورنا انه وسيلة خبرية...نعتبره انسان يخبرك عن امر معين ...وهذا من اكبر الاخطاء الفادحة التي لم نلتفت اليها....
لعلنا يجب ان نسأل:
لماذا تأسست هذه الوسيلة الاعلامية...؟
لماذا اختير لها هذا الشعار...
لماذا هذا الاسم
لماذا
لماذا 
لماذا
لماذا...
ما وراء هذا الخبر
لماذا هذا يختلف عن هذا في نقل الخبر رغم ان الخبر واحد....
الى آخره...
اخي الكريم ، شاهدت فيلما ـ للأسف نسيت عنوانه ـ بطولة بروس ويليس كان حول من يستحق جائزة افضل اعلامي او صحفي، وكان هو من المرشحين...باختصار، افتعل جريمة لانسان بريء جعل كل الولايات تنادي باعدامه...وفي نفس الوقت اخرجه ببراءة شديدة دون ان يلتفت اليه احد....
خطير هذا الفلم وهو يحكي عن الواقع الذي نعيشه.....
آسف عن الاطالة...ولكننا قوم لا نأكل مما ننتج...

الجمعة، 19 أبريل 2013

اعانى من المرض النفسى وعدم القدرة على فعل شئ


المؤمن لا يعرف شيئا اسمه المرض النفسي
 لأنه يعيش في حالة قبول و انسجام مع كل ما يحدث له من خير و شر.. فهو كراكب الطائرة الذي يشعر بثقة كاملة في قائدها و في أنه لا يمكن أن يخطئ لأن علمه بلا حدود، و مهاراته بلا حدود.. فهو سوف يقود الطائرة بكفاءة في جميع الظروف و سوف يجتاز بها العواصف و الحر و البرد و الجليد و الضباب.. و هو ...من فرط ثقته ينام و ينعس في كرسيه في اطمئنان و هو لا يرتجف و لا يهتز اذا سقطت الطائرة في مطب هوائي أو ترنحت في منعطف أو مالت نحو جبل.. فهذه أمور كلها لها حكمة و قد حدثت بارادة القائد و علمه و غايتها المزيد من الأمان فكل شيء يجري بتدبير و كل حدث يحدث بتقدير و ليس في الامكان أبدع مما كان.. و هو لهذا يسلم نفسه تماما لقائده بلا مساءلة و بلا مجادلة و يعطيه كل ثقته بلا تردد و يتمدد في كرسيه قرير العين ساكن النفس في حالة كاملة من تمام التوكل.

و هذا هو نفس احساس المؤمن بربه الذي يقود سفينة المقادير و يدير مجريات الحوادث و يقود الفلك الأعظم و يسوق المجرات في مداراتها و الشموس في مطالعها و مغاربها.. فكل ما يجري عليه من أمور مما لا طاقة له بها، هي في النهاية خير.

اذا مرض و لم يفلح الطب في علاجه.. قال في نفسه.. هو خير.. و اذا احترقت زراعته من الجفاف و لم تنجح وسائله في تجنب الكارثة.. فهي خير.. و سوف يعوضه الله خيرا منها.. و اذا فشل في حبه.. قال في نفسه حب فاشل خير من زيجة فاشلة.. فاذا فشل زواجه.. قال في نفسه الحمد لله أخذت الشر و راحت.. و الوحدة خير لصاحبها من جليس السوء.. و اذا أفلست تجارته قال الحمد لله لعل الله قد علم أن الغنى سوف يفسدني و أن مكاسب الدنيا ستكون خسارة علي في الآخرة.. و اذا مات له عزيز.. قال الحمدلله.. فالله أولى بنا من أنفسنا و هو الوحيد الذي يعلم متى تكون الزيادة في أعمارنا خيرا لنا و متى تكون شرا علينا.. سبحانه لا يسأل عما فعل.

و شعاره دائما: (و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسى أن تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و أنتم لاتعلمون)

و هو دائما مطمئن القلب ساكن النفس يرى بنور بصيرته أن الدنيا دار امتحان و بلاء و أنها ممر لا مقر، و أنها ضيافة مؤقتة شرها زائل و خيرها زائل.. و أن الصابر فيها هو الكاسب و الشاكر هو الغالب.
لا مدخل لوسواس على قلبه و لا لهاجس على نفسه، لأن نفسه دائما مشغولة بذكر العظيم الرحيم الجليل و قلبه يهمس: الله.. الله.. مع كل نبضة، فلا يجد الشيطان محلا و لا موطئ قدم و لا ركنا مظلما في ذلك القلب يتسلل منه.
و هو قلب لا تحركه النوازل و لا تزلزله الزلازل لأنه في مقعد الصدق الذي لا تناله الأغيار.
و كل الأمراض النفسية التي يتكلم عنها أطباء النفوس لها عنده أسماء أخرى:

الكبت اسمه تعفف
و الحرمان رياضة
و الاحساس بالذنب تقوى
و الخوف (و هو خوف من الله وحده) عاصم من الزلل
و المعاناة طريق الحكمة
و الحزن معرفة
و الشهوات درجات سلم يصعد عليها بقمعها و يعلو عليها بكبحها الى منازل الصفاء النفسي و القوة الروحية
و الأرق.. مدد من الله لمزيد من الذكر.. و الليلة التي لا ينام فيها نعمة تستدعي الشكر و ليست شكوى يبحث لها عن دواء منوم فقد صحا فيها الى الفجر و قام للصلاة
و الندم مناسبة حميدة للرجوع الى الحق و العودة الى الله
و الآلا م بأنواعها الجسدي منها و النفسي هي المعونة الالهية التي يستعين بها على غواية الدنيا فيستوحش منها و يزهد فيها
و اليأس و الحقد و الحسد أمراض نفسية لا يعرفها و لا تخطر له على بال
و الغل و الثأر و الانتقام مشاعر تخطاها بالعفو و الصفح و المغفرة
و هو لا يغضب الا لمظلوم و لا يعرف العنف الا كبحا لظالم
و المشاعر النفسية السائدة عنده هي المودة و الرحمة و الصبر و الشكر و الحلم و الرأفة و الوداعة و السماحة و القبول و الرضا

تلك هي دولة المؤمن التي لا تعرف الأمراض النفسية و لا الطب النفسي..

و الأصنام المعبودة مثل المال و الجنس و الجاه و السلطان، تحطمت و لم تعد قادرة على تفتيت المشاعر و تبديد الانتباه.. فاجتمعت النفس على ذاتها و توحدت همتها، و انقشع ضباب الرغبات و صفت الرؤية و هدأت الدوامة و ساد الاطمئنان و أصبح الانسان أملك لنفسه و أقدر على قيادها و تحول من عبد لنفسه الى حر بفضل الشعور بلا اله الا الله.. و بأنه لا حاكم و لا مهيمن و لا مالك للملك الا واحد، فتحرر من الخوف من كل حاكم و من أي كبير بل ان الموت أصبح في نظره تحررا و انطلاقا و لقاء سعيد بالحبيب.

اختلفت النفس و أصبحت غير قابلة للمرض.. و ارتفعت الى هذه المنزلة بالايمان و الطاعة و العبادة فأصبح اختيارها هو ما يختاره الله، و هواها ما يحبه الله.. و ذابت الأنانية و الشخصانية في تلك النفس فأصبحت أداة عاملة و يدا منفذة لارادة ربها. و هذه النفس المؤمنة لا تعرف داء الاكتئاب، فهي على العكس نفس متفائلة تؤمن بأنه لا وجود للكرب مادام هناك رب.. و أن العدل في متناولنا مادام هناك عادل.. و أن باب الرجاء مفتوح على مصراعيه مادام المرتجى و القادر حيا لا يموت.

و النفس المؤمنة في دهشة طفولية دائمة من آيات القدرة حولها و هي في نشوة من الجمال الذي تراه في كل شيء.. و من ابداع البديع الذي ترى آثاره في العوالم من المجرات الكبرى الى الذرات الصغرى.. الى الالكترونات المتناهية في الصغر.. و كلما اتسعت مساحة العلم اتسع أمامها مجال الادهاش و تضاعفت النشوة.. فهي لهذا لا تعرف الملل و لا تعرف البلادة أو الكآبة.
هذه احدى كتاباتى اهديها لك هديه لكى تتغلب على ما بك

متى تكون سعيدا؟


السعادة :
في اللغة :
سَعَدَ اليوم : يَمُن .
سَعَدَ الله فلاناً : وَفَّقَهُ .
سَعَادة [ فلسفياً ] : حال تنشأ عن إشباع الرغبات الإنسانية كماً وكيفاً .
شَخْصٌ سَعيدٌ : يُحِسُّ بالرِّضا والفرح ، عكسه شقيّ .

في القرآن الكريم :
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم مرتين ، منها قوله تعالى : ( يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقيٌّ وَسَعيدٌ)( هود : 105 ) .

في الاصطلاح الصوفي :
الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
يقول : السعادة : هي أن تكون واسع القلب بالإيمان ، وإن ترزق الغنى في القلب ، والعصمة في الطاعة ، والتوفيق في الزهد ، ومن ألهم الأدب فيما بينه وبين الله تعالى طهر قلبه ويرزق السعادة ، وليس شيء أضيق من حفظ الأدب .
السيد محمود ابو الفيض المنوفي :
يقول : السعادة : هي منتهى بلوغ الأرب والوصول إلى الحق ، الوصول الذي لا رجعة بعده .

في أسباب السعادة :
يقول الشيخ الفضيل بن عياض :
خمسة من السعادة : اليقين في القلب ، والورع في الدين ، والزهد في الدنيا ، والحياء ، والعلم .

في منشأ جميع السعادات :
يقول الإمام فخر الدين الرازي :
منشأ جميع السعادات يوم القيامة : إشراق الروح بأنوار معرفة الله .

في أنواع السعادات :
يقول الإمام فخر الدين الرازي :
السعادات ثلاثة :
أولها : السعادات الروحانية .
وثانيها : السعادات البدنية ، وهي المرتبة الوسطى .
وثالثها : السعادات الخارجية ، وهي المال والجاه .

في علامة السعادة :
يقول الشيخ شقيق البلخي :
علامة السعادة خمسة أشياء : لين القلب ، وكثرة البكاء ، والزهد في الدنيا ، وقصر الأمل ، وكثرة الحياء .
ويقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
علامة السعادة ثلاثة أشياء :
التقوى في القلب .
والعصمة في الجوارح .
والتوفيق في الزهد .
ويقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي :
قال بعضهم : علامة السعادة ثلاث : صدق الحديث ، والأنس بالله ، وأداء
الأمانة .

في علامات سعادة المريد الصوفي :
يقول الشيخ محمد مهدي الرواس الرفاعي :
من علامات سعادة المريد ثلاث خصال :
الرضا عن الله تعالى .
والرضا عن شيخه الدال له على الله تعالى .
وطرح الإهمال إذا خلا مع الله تعالى .

في آثار السعادة :
يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
ثلاث من السعادة : ضعف يمنعه عن المعاصي ، وضعف لا يقدر فيه على الدعوى ويمنع النفس مهناها ، وإنتظار ملك الموت .

في توزيع السعادة والشقاوة على ملكات الإنسان :
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
الشقاوة والسعادة موزعة بين النفس الناطقة والنفس الحيوانية ، والجوارح كل واحد منهم شقاوته وسعادته بحسب مرتبته واستعداده . فمنهم : من يحس ولا يحمل ، ومنهم : من يحمل ولا يحس ، ومنهم : من لا يحمل ولا يحس ، ولكن يتخيل .

في مقامات أنوار علوم السعادة :
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي  :
[ مقامات أنوار علوم السعادة ] ثمانية وأعني بمقاماتها : مدلولاتها ... وهي :
مدلول البدر : الدنيا الكبرى .
ومدلول الكوكب الثابت : الدنيا الصغرى .
ومدلول السراج : الجنة الكبرى .
ومدلول النار : الجنة الصغرى .
ومدلول القمر : جهنم الكبرى .
ومدلول الهلال : جهنم الصغرى .
ومدلول الشمس : صفات المعنى .
ومدلول البرق : صفات النفس .

في ظلمات أنوار علوم السعادة :
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي  :
ظلمات هذه الأنوار [ علوم السعادة ] ثمانية :
فنور الشمس يزيل ظلمة النفس .
ونور الهلال يزيل ظلمة الشك .
ونور القمر يزيل ظلمة الغفلة .
ونور البدر يزيل ظلمة الخيانة .
ونور الكوكب يزيل ظلمة الجهل والشبهة .
ونور السراج يزيل ظلمة الوسوسة .
ونور النار يزيل ظلمة الرعونة والكون .
ونور البرق يزيل ظلمة التنـزيه .

في السبيل الموصل إلى السعادة الأبدية :
يقول الشيخ عبيدة بن أنبوجة التيشيتي :
السبيل الموصل إلى السعادة الأبدية ... هو المربي الأصلي سيد الوجود  ، وواسطته الشيخ .

في الفرق بين السعادة واللذات :
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي   :
ليست السعادة هي اللذات ، بل اللذات تابعة للسعادة ، وإنما السعادة اللقاء ، وليس اللقاء حقيقة المعرفة ، بل أن تتلاقى في حقيقة الصفة ، ومن اتصف فهو الذي عرف .
الشيخ الأكبر ابن عربي :
يقول : أهل السعادة : هم الذين لهم قدم صدق عند ربهم ، أي : سابق عناية بأن يخلق إرادتهم طاعة الله وعبادته صوراً متجسدة وأعمالهم .

الاسس التي تبنى عليها الحياة الزوجية


من اهم الاسس التي تبنى عليها الحياة الزوجية وتكون تلك الحياة قوية في مواجهة الظروف المتقلبة هي (الاحترام-الحب-الصدق-الاخلاص-التسامح-)
ومن وجهة نظري ارى ان الاحترام من اهم تلك الاسس لانه سبب لوجود بقية الاسس الاخرى
فمن صور احترام الزوجة لزوجها
1-ان لاترفع صوتها اثناء المناقشة بينهما
2-ان تشعره بانه اهم شخص في حياتها لاتستطيع ان تستغني عنه ابدا
3-ان لاتفشي اسرار بيتها لاهلها او صديقاتها
4-ان لاتقلل من شخصية زوجها امام الاخرين
ومن صور احترام الزوج لزوجتة كذلك
1-ان يحترم مشاعر زوجتة
2-ان لايتعمد الى اهانتها امام اهله لان المراة لاتنسى له ذلك
3-ان يثني على طريقة لبسها-ومكياجها-واهتمامها بمنزلها
4-ان يناديها باالالفاظ محببة لديها وتشعرها بانوثتها
فاذا وجد ذلك الاحترام حتما ستاتي بقية الاسس الاخرى
وتكون حياة سعيدة يملاها الحب ويزينها الصدق والاخلاص
فاتمنى لكم حياة زوجية سعيدة

الانتخابات كفر بواح .. هل تتفق ؟


تنتشر اليوم دعوات إلى المشاركة في الانتخابات الديمقراطية والمشاركة في المجالس النيابية التي تخضع لهذا النظام الشركي الذي يشرع من دون الله, ولكن هذه المرة يدعون لها وبشدة رجال الدين وكثير من المرجئة الذين ينتشرون في البلاد باسم الدعوة السلفية فألبسوا دعواتهم بالزي الإسلامي متلاعبين بأصول الدين وأحكامه ومحللين لهذا الشرك العظيم الذي كانوا هم من قبل يكفرونه ولكن لما تغيرت الأهواء وبدأ الشيطان يحسن لهم القبيح, فبدلوا أحكام الشريعة لتوافق أهوائهم,

ومما زاد الأمر خطورة هو خروج الآلاف إلى الشوارع مطالبين بالانتخابات, مقدمين أرواحهم في سبل هذا الطاغوت.
فإضافة إلى خطورة التلاعب بالأحكام الشرعية الثابتة الواضحة وتحريفها لتوافق الأهواء, قد زاد المسألة خطورة الدماء التي أريقت في سبيل هذا الطاغوت, وإنها لمصيبة لا يشعر بها إلا القريب منها عندما يسمع أن أخوه قتل أو أصيب في سبيل مثل هذا الطاغوت, لذا قد رأيت أن أجمع الأدلة على حرمة التحاكم إلى طاغوت الانتخابات الديمقراطية والرد على ما أثير حولها من شبهات والله ولي التوفيق.

وللعلم فإن المسألة ليست خلافية كما يدعون اليوم, بل تتعلق بأعظم أصل في الدين وهو التوحيد, فالمسألة ببساطة (( الديمقراطية كفر فلا يجوز إقرارها أو المشاركة فيها بل يجب اجتنابها ومحاربتها امتثالاً لما أمر به الله )).

ومن تبدلت أهوائهم اليوم هم كانوا سابقاً يكفرون الديمقراطية ويكفرون الانتخابات , ولكنها اليوم تحولت إلى مصلحة وإلى مسألة خلافية وظهرت شتى الترقيعات, ومن المعلوم في الإسلام أن الكفر لا يجوز إلا في حالة الإكراه الملجئ وهو ما لا يوجد في هذه الحالة فلن يعذبك أحد إن لم تنتخب وقت الانتخاب... هذه هي المسألة بكل بساطة, وأما من يدعي أن المسألة خلافية فنقول له حتى وإن كانت المسألة خلافية فالواجب إتباع الراجح وإتباع الدليل من كتاب الله وسنة رسوله , يقول تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) فأين العمل بهذه الآية , يا من تقولوا بالاختلاف ؟؟



**************************


وأما الأدلة على حرمة اللجوء إلى الانتخابات:

بإجمال:
الانتخابات هي شرك بالله وكفر بواح فهي تخضع لقوانين النظام الديمقراطي الذي لا يحترم الإسلام ويشرع بالكفر, فالانتخابات شرك طاعة لمن شرع تلك القوانين الكفرية , يقول تعالى: { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّين مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّه وَلَوْلَا كَلِمَة الْفَصْل لَقُضِيَ بَيْنهمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَاب أَلِيم }, والانتخابات هي تحاكم إلى الطاغوت الذي أمرنا الله بالكفر به ومحاربته وعليه كانت سنة الأنبياء والمرسلين, فتلك الديمقراطية تجعل الإرادة للشعب بدلا من الله بالامتثال لشريعته, والديمقراطية تساوي بين المسلم والسفيه وبين الرجل والمرأة في كل شيء, وتجيز الولاية للكافر , يقول تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا} ويقول تعالى: {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ} , والانتخابات الديمقراطية تساوي بين المسلم والسفيه, فهي تساوي بين مسلم يريد الشريعة وآخر يريد العلمانية وآخر يريدها ليبرالية وآخر يعطي الولاء للرافضة المجمع على كفرهم وآخر يجيز تولي النصارى للحكم, وغيرها من القوانين الكفرية التي لا يجوز التحاكم إليها في الإسلام.

وإننا مأمورون بإتباع ما أمر به الله ورسوله في كل شيء وعدم العوج عنه لهوى أو ميل
قال تعالى: { فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا }
وقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}
فإن دعوة أهل البدع لضلالتهم وشركهم بدعوى المصالح والمفاسد لا صحة لها لطالما لا تستند على أدلة شرعية, ولا يجوز أن نرفض نصاً صريحاً بدعوى مصلحة ما فليس هذا من الإسلام, فعلى سبيل المثال لا يجوز ترك الجهاد في بلادنا المحتلة بدعوى المفسدة أو ترك ساحات القتال بدعوى مفسدة وفي هذا يقول المولى عز وجل : { يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الارض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شئ قدير}, فلا يجوز أن يقول لكم الله لا تتحاكموا إلى الطاغوت ثم تتحاكمون إليه بدعوى مصلحة, أو يأمركم بجهاد الطاغوت فتتثاقلون بدعوى مفسدة, فقد وردت الأحكام الشرعية لجلب المصالح للناس، ودفع المفاسد عنهم، وأن كل حكم شرعي إنما نزل لتأميـن أحد المصالح، أو لدفع أحد المفاسد، أو لتحقيق الأمرين معًا, وما من مصلحة في الدنيا والآخرة إلا وقد رعاها المشرع، وأوجد لها الأحكام التي تكفل إيجادها والحفاظ عليها, وإن الشرع الحكيم لم يترك مفسدة في الدنيا والآخرة، في العاجل والآجل، إلا بينها للناس، وحذرهم منها، وأرشدهم إلى اجتنابها والبعد عنها، مع إيجاد البديل لها, وإذا أردنا النظر في فقه المصالح والمفاسد سنجد أن الشريعة جاءت لحفظ خمسة مصالح ضرورية وهي: الدين, والنفس, والعقل, والنسل أو العرض أو النسب, والمال. والدين مقدم على النفس والعقل والنسل والمال, فالدين هو أعظم المصالح والشرك بالله هو أعظم المفاسد, , فالمرجئة الذين يلهثون على الفضائيات ليل نهار وليس لهم حجة في شركهم إلا المصالح والمفاسد فهؤلاء أجهل من دابة وأضل من هوام.

فالشرك بالله لا يوجد له استثناء إلا حالة واحدة وهي الإكراه الملجئ, لقوله تعالى: { مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ }
والإكراه هنا المقصود به هو الإكراه الملجئ الذي لا يكون فيه حيلة لصاحبه لدفعه ودليله فعل عمار بن ياسر رضي الله عنهما, وأما غير ذلك من الإكراه فلا يجوز فيه الكفر كحالة إكراه أمريكا لطواغيت بلاد المسلمين فهذا ليس إكراهاً ملجئاً, والإكراه الملجئ له شروط وهي العجز عن دفع الضرر والحالية إذ لا يكون إكراها في حالة كان التهديد بحدوث الفعل في اليوم التالي أو مستقبلاً, ولا يجوز الإكراه على الشرك إلا بعد غلبة الظن أنه إذا امتنع عن الفعل سيقتل أو يهلك أو يتلف (ومن هنا يفرق بين القوي والضعيف) وألا يكون هناك مجالاً للاختيار, وأن يكون قلب المكره مطمئنا للإيمان, وأن يظهر من الكفر ما يدرأ عنه العذاب ولا يزيد عليه, وليس من الإكراه دفع الضرر بضرر أعلى أو يوازيه كأن يشارك في قتل أخيه المسلم أو يرشدهم على مكانه أو يحارب في صفوف المشركين. وبهذا يتضح الفرق بين الإكراه الملجئ الذي يجيز فيه الكفر بقدر ما يدرأ عنه والإكراه المتوهم الذي هو الكفر بعينه لقوله تعالى: " وَالَّذِينَ كَفَرُوا أََوْلِيَاؤُهُمْ الطَّاغُوتُ" , "والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت" كقتال اليوم في ميدان التحرير وفي ميادين مصر وباقي بلدان المسلمين من أجل الديمقراطية والانتخابات الشركية, ويا ليتهم قاتلوا في سبيل الله لكان أفضل ولئن قُتِلوا لماتوا على الشهادة.

واعلموا أيها المسلمون أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم, واعلموا أن إن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه, فلن تصلوا للإسلام إلا كيفما ارتضى لكم ربكم.
واعلموا أن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وأنه لا يهدي القوم الظالمين.

فالتزموا أيها المسلمون بما أمركم الله وقاتلوا أولياء الشيطان ولا تقاتلوا في سبيل الشيطان كما هو حالكم الآن.

وإنه لفرق كبير بين جهادكم للطاغية مبارك وجهادكم من أجل طاغوت الانتخابات, فاتقوا الله إن كنتم مؤمنين, إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم, ويغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم.

الاخوان والسلفيين فى نقاط


في مقاومة البدع

يتفق الإخوان والسلفيين على مقاومة البدع والمنكرات ولكن مشروع السلفيين يتوسع في تعريف البدع حتى تصل إلى العادات والتقاليد ومظاهر الحياة الشخصية والاجتماعية بينما الإخوان يعتبرون البدعة التي يجب محاربتها إنما تكون في الدين فقط والتي لا أصل لها فيقول الشهيد في الأصل الحادي عشر (وكل بدعة في دين الله لا أصل لها ـ استحسنها الناس بأهوائهم سواء بالزيادة فيه أو بالنقص منه ـ ضلالة تجب محاربتها والقضاء عليها بأفضل الوسائل التي لا تؤدي إلى ما هو شر منها( . مع التأكيد على محاربة العادات والتقاليدالمستورة إن لم تتفق مع الأحكام الإسلامية.

القبور والأولياء

يتفق السلفيين والإخوان على وجوب محاربة الشركيات التي تحدث في مقابر ما يسمى الأولياء ويعتبرها السلفيين قضية محورية عندهم وفي صدارة أولوياتهم ويتفق الإخوان معهم ولكنهم يعتبرونها جزء من مشروع إصلاح العقيدة ومشروعهم الشامل ويقول الشهيد حسن البنا في الأصل الربع عشر ( وزيارة القبور أيا كانت سنة مشروعة بالكيفية المأثورة , ولكن الاستعانة بالمقبورين أيا كانوا ونداؤهم لذلك وطلب قضاء الحاجات منهم عن قرب أو بعد والنذر لهم وتشييد القبور وسترها وأضاءتها والتمسح بها والحلف بغير الله وما يلحق بذلك من المبتدعات كبائر تجب محاربتها , ولا نتأول لهذه الأعمال سدا للذريعة( .

التعامل مع سلف الأمة

يعتبربعض السلفيين أقوال السلف و فهمهم وتصوراتهم وتصرفاتهم حتى لو كانت فردية بمثابة تفسيرا للقرآن والسنة وترفعه كمصدر تشريعي معتبر حتى لو اختلف سلف الأمة في أقوالهم وتفسيراتهم .
ويتفق الإخوان مع السلفيين بالأخذ بأقوال السلف وفهمهم إذا اتفقت فقط مع كتاب الله وسنة نبيه ولا تقدس كلامهم ولا تعتبر كلام وتصرفات الآحاد منهم معصومة , وفي ذلك قال الشهيد حسن البنا في الأصل السادس من التعاليم ( وكل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم , وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه , و إلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالإتباع ، ولكنا لا نعرض للأشخاص ـ فيما اختلف فيه ـ بطعن أو تجريح , ونكلهم إلى نياتهم وقد أفضوا إلى ما قدموا(

الموقف من المذاهب الفقهية

لا يرى بعض السلفيين الأخذ بمذهب من مذاهب الفقه المعروفة لأهل السنة والجماعة ( الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي ) بل يرون أنه يجب على المسلم أن يأخذه مباشرة من الكتاب والسنة وأقوال السلف ويعتبرون المذاهب الفقهية تفرقة للأمة ومع أن المذاهب الفقهية لم تتجاوز الكتاب والسنة إلا أن السلفيين يعتبرون المذاهب قد تجاوزت عن الكتاب والسنة وهذا يعتبر دعوة لمذهب فقهي جديد يرفض كل مذاهب الفقه لأهل السنة والجماعة .
بينما الإخوان لا يتبنون مذهب فقهي محدد من مذاهب أهل السنة والجماعة بل يتركون الحرية للمسلم لاختيار المذهب الذي يريده طالما لم يتجاوز الكتاب والسنة . فيقول الشهيد في الأصل السابع (ولكل مسلم لم يبلغ درجة النظر في أدلة الأحكام الفرعية أن يتبع إماما من أئمة الدين ، ويحسن به مع هذا الإتباع أن يجتهد ما استطاع في تعرف أدلته ، وان يتقبل كل إرشاد مصحوب بالدليل متى صح عنده صلاح من أرشده وكفايته , وأن يستكمل نقصه العلمي إن كان من أهل العلم حتى يبلغ درجة النظر .)
الحكم والسياسة

مشروع الإخوان يهدف إلى إصلاح نظم الحكم والسياسة وإعادتها إلى أصلها من الشورى والعدل والاستقلالية والعزة وحق الأمة في اختيار حكامها .ويقول الشهيد حسن البنا في المرحلة الخامسة للإصلاح (وإصلاح الحكومة حتى تكون إسلامية بحق , وبذلك تؤدي مهمتها كخادم للأمة و أجير عندها و عامل على مصلحتها , والحكومة إسلامية ما كان أعضاؤها مسلمين مؤدين لفرائض الإسلام غير متجاهرين بعصيان , وكانت منفذة لأحكام الإسلام وتعاليمه)
بينما مشروع السلفية متصالح مع النظم الحاكمة وليس إصلاح الحكومة أو أعادة تطبيق الشورى من ضمن مشروعه الإصلاحي , وذلك حتى ثورة 25 يناير.
وإن كان بعض الاتجاهات السلفية الآن تحاول أن تدخل المعترك السياسي وعلى سبيل المثال في الكويت والجزائر والبحرين .

أسلوب الدعوة

تركز السلفية على المواعظ العامة والدروس العامة وطلب العلم وخاصة علم الحديث.
ويتفق الإخوان مع السلف بالأخذ بالدروس العامة وإن كان على نطاق أضيق ولعل هذا نتيجة القبضة الأمنية التي كانوا يعانون منها , ولكنهم أيضا يركزون على التربية في المحاضن التربوية قليلة العدد ويوازنون في طلب العلم فلا يغلب عندهم علم دون علم بل يأخذون بكل علوم الدين بما في ذلك التاريخ واللغة والسير وعلوم العصر التي لا يستغنى عنها .

البناء التنظيمي

السلفية ليس لها تنظيم عضوي محدد بل مجرد ملامح عامة للمشروع من إلتزم بها أصبح سلفي ولهم رؤوس يتبنون هذا المشروع ويعملون على نشره ويتصدر للدعوة كل من يملك العلم ويلتزم بملامح المشروع .

أما الإخوان فلهم تنظيم عضوي وتسلسل قيادي يتصدر للقيادة فيه عن طريق الشورى ولهم  ولجان تعمل على كافة محاور مشروعهم الإصلاحي.
ولكن هذا لم يمنع من وجود كثير من المسلمين يحملون المشروع الإصلاحي للإخوان أو أغلب ملامحه ولا ينتمون له عضويا .


الوحدة الإسلامية

لا تعبر السلفية الوحدة الإسلامية من ضمن مشروعها الإصلاحي وتنتشر في أدبياتهم مقولة( كلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة )
بينما الإخوان يعتبرون وحدة المسلمين أفرادا ودول من ضمن مشروعهم الإصلاحي ومرحلة من مراحل الإصلاح عندهم فيقول الشهيد في المرحلة السادسة( إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية , بتحرير أوطانها وإحياء مجدها وتقريب ثقافتها وجمع كلمتها , حتى يؤدى ذلك كله إلى إعادة الخلافة المفقودة والوحدة المنشودة .)

فلسطين

قضية تحرير فلسطين ليست قضية محورية عند بعض السلفيين وإن كانت تتناولها في بعض أدبياتها بالتأييد , بينما هي عند الإخوان قضية محورية تعمل من أجل تحريرها وبالرغم من حداثة نشوء دعوة الإخوان في حرب 48فقد أرسلت بشبابها المجاهدين لتحريرها لولا تدخل الحكومة المصرية في ذلك الوقت وبالرغم أن الدعوة السلفية تسبق دعوة الإخوان زمنيا إلا أنهم لم يشاركوا في هذه المعركة .

السلفية بمعناها الصحيح


السلفية بمعناها الصحيح ـ لمن يعرفه ـ ركنا أصيلا وقديما في دعوة الإخوان , والتمسك بالسلفية كانت لعلم الشهيد حسن البنا بقيمة ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من تمسك بالدين وتربية عالية وفهم عميق ولأنه أراد أن يستفيد بدعوات من سبقه ومنها دعوة الشيخ محمد ابن عبد الوهاب , إلا أنه أخذا أحسن ما فيها وأضاف عليها ما يضبط اتجاهها ويوسع نطاق دعوتها بقدر سعة الإسلام وإحاطته بكل جوانب الحياة .

    فمن معالم السلفية في دعوة الإخوان أنها تعتبر الكتاب والسنة هما المصدرين الوحيدين للتشريع وأحكام الإسلام فيقول الشهيد حسن البنا في الأصل الثاني : "والقرآن الكريم والسنة المطهرة مرجع كل مسلم في تعرف أحكام الإسلام ، ويفهم القرآن طبقا لقواعد اللغة العربية من غير تكلف ولا تعسف ، ويرجع في فهم السنة المطهرة إلى رجال الحديث الثقات" ويؤكد على نفي أي مصدر آخر يؤخذ منه أحكام وتعاليم الإسلام بالأصل الثالث , وذلك ردا على بعض الصوفية , فيقول :"  وللإيمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفهما الله في قلب من يشاء من عباده ، ولكن الإلهام والخواطر والكشف والرؤى ليست من أدلة الأحكام الشرعية , ولا تعتبر إلا بشرط عدم اصطدامها بأحكام الدين ونصوصه"  .


   كما إنها تقدم فهم السلف في مسائل الصفات على فهم الخلف ومدارس العقيدة الأخرى لأهل السنة والجماعة , فيقول في الأصل العاشر " ومعرفة الله تبارك وتعالى وتوحيده وتنزيهه أسمى عقائد الإسلام ، وآيات الصفات وأحاديثها الصحيحة وما يليق بذلك من التشابه , نؤمن بها كما جاءت من غير تأويل ولا تعطيل , ولا نتعرض لما جاء فيها من خلاف بين العلماء , ويسعنا ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا) (آل عمران:7) .

  أما فهم السلف فقد قال فيه قول فصل يضع حدا لجنوح بعض السلفيين في تقديس قول السلف واعتباره هو التفسير للكتاب والسنة , فيقول البنا رحمه الله  "وكل أحد يؤخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم , وكل ما جاء عن السلف رضوان الله عليهم موافقا للكتاب والسنة قبلناه , و إلا فكتاب الله وسنة رسوله أولى بالإتباع ، ولكنا لا نعرض للأشخاص ـ فيما اختلف فيه ـ بطعن أو تجريح , ونكلهم إلى نياتهم وقد أفضوا إلى ما قدموا "

مقارنه صغيره لنعلم من يتبع النبى والصحابه وآل محمد


1) الغناء:-
الاخوان : بعضهم قال هو امر مختلف فيه وبعضهم"القرضاوى"قال هو حلال بشرط الايصاحبه اى فتنه
السلف:- قال رسول الله (صحيح البخارى)
"ليستحلن أقوام من أمتى الحر(الزنى)و الحريروالخمر والمعازف"
وقوله "ليستحلن" يعنى انه محرم وهم يحلونه
قال تعالى "ومن الناس من يشترى لهو الحديث بغير علم ليضل عن سبيل الله..."الى آخر الايه قال بن مسعود"والذى نفسى بيده هو الغناء" وكذا قال بن عباس وقتاده ومجاهد
سأل رجل الامام ابا حنيفه عن الغناء فقال "يفعله عندنا الفساق"
والسؤال هل العناء حلال ام حرام ام مختلف فيه ؟
2)مصافحة النساء:
الاخوان بقيادة القرضاوى "هو محل خلاف ويجب قياس المنفعه والمفسده فى ذلك أى انه يجوز لبعض الناس ويحرم على آخرين"
السلف:
قال رسول الله :"لأن يطعن فى رأس أحدكم بمخيط (ابرة خياطه كبيره) من حديد خير له من ان يمس امرأه لا تحل له"
قالت السيده عائشه:"لا والله لم تمس يد رسول الله يد امرأة لا تحل له قط ولو أن يبايعها على الاسلام"أو كما قالت رضى الله عنها
والسؤال هل مس يد المرأه حلال ام حرام ام كما قال القرضاوى
3)الديموقراطيه:
الاخوان (القرضاوى والزندانى وغيرهم) لا بأس بها لأنها طريقه وان كان بها بعض ما يخالف الشرع ولا أشكاليه فى عمل مجلس الشعب لأنه مثل الشورى المبدأ الاسلامى المعروف اما فى مسألة تولى المرأه لأى منصب فهى مثلها مثل الرجل ولا فارق وفى مسألة تولى غير المسلم لأى منصب "تشريعى او رئاسى" فلا بأس لكم دينكم ولى دين ومسألة حرية العقيده فأيضا لا بأس وقل الخق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وغيرها من الطوام الجسام "
السلف :واعنى هنا ليس أحزاب السلفيه
يقول الله "إن الحكم الا لله " والديموقراطيه "حكم الشعب للشعب او الشعب مصدر السلطات"
يتولى الفصل فى القوانين من حيث مطابقتها للشرع من عدمه أو فى حالة وجود أمر جديد لم يتوفر فيه نص او للفصل بين خلاف أهل العلم "مجلس شورى أهل الحل والعقد "بصفتهم أهل العلم فى كل مجال من مجالات الحياه مثل الدين والعلوم والاقتصاد وغيرها من الامور كما حدث ايام ولاية أبو بكر وعمر والخلفاء اما فى الديموقراطيه فيستوى صوت العلم مع صوت الامى فى الصندوق اذ انها المهم فيها الاغلبيه
اما عن تولى المرأه لأى منصب هى وغير المسلم فأرجو من الاخوان أن يأتونا بأثارة من علم او اى نص من الكتاب والسنه يبيح ذلك واتحدىفالمرأه سماها النبى "ناقصة عقل ودين "وهذا ليس بيدها بل هى مخلوقه هكذا فكيف تحكم او تشرع او حتى تشغل منصب تنفيذى فضلا عن اها لا تساوى الرجل بحال قال تعالى "وليس الذكر كالأنثى"
اما غير المسلم فدليل المسأله الاجماع كما نقله غير واحد من أهل العلم منهم الامام النووى فى شرح صحيح مسلم باب الاماره وبن خزم فى مراتب الاحماع وعيرهم من اهل العلم فى أنه لا يتولى أى منصب فى الخلافه بل وان تولى وهو مسلم ثم طرأت عليه رده فيخلع ويخرج عليه بل ويقاتل بعد اقامة الحجه عليه وعدم تراجعه او توبته
اما مسألة حرية الاعتقاد فقد كفلها الاسلام فى أى بلد فتحت بالسيف او فتحت بالتراضى والصلح ولكن ليس معنى خرية الاعتقاد ان يرتد المسلم فقد قال رسول الله (من بدل دينه فاقتلوه) وقال أيضا "لا يحل دم امرء مسلم الا باحدى ثلاث :الزانى المحصن والقاتل العمد و التارك لدينه المفارق للجماعه"
او كما قال
ان البشريه منذ ان صدمت فى البابوات والدول الدينيه فى اوروبا وقت عصور الظلام وهى تبحث عن بديل للأديان حتى لا تتحكم فى البشر فجربوا الاشتراكيه والشيوعيه وما فلحت وجربوا الديموقراطيه والرأسماليه وما فلحت
وكلما جد جديد فى دنيا البشر وجدنا فى ديننا الاسلام من الله عندنا فيه خبر
ولذلك هم يحاربونه بكل ما اوتوا من قوه "ويأبى الله الا ان يتم نوره"
والسؤال من على الحق محمد والمسيح وموسى واخوانهم الانبياء ام النظم الوضعيه التى تؤدى فى مآلها الى الالحاد والكفر
وأخيرا هى أمثله بسيطه لآرآء الاخوان مقارنة بأحكام الدين التى يفترض فى كل مسلم أتباعها
فالاخوان ومن حذى حذوهم من السلفيين وجميع الاحزاب ما هم الا أحزاب لمناهضة الدين ودولة الخلافه التى هى قادمة لا محاله كما وعد الله ورسوله
وان ادعى بعض السلفيين انهم يشكلون حزب ويدخلون البرلمان من أجل تطبيق الشريعه الاسلاميه فلو كانوا صادقون لا تبعوا أمر  الله عز وجل وأمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ولما خالفوا "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا" "فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنه أو يصيبهم عذاب أليم" فليختاروا لأنفسهم
وعلى ما سبق يكون الاخوان المسلمون والاحزاب السلفيه هما وجهان لعمله واحده وكلاهما على الباطل والله من وراء القصد وعنده تجتمع الخصوم
وصلى اللهم ربنا وبارك على محمد وآله وسلم تسليما